"""""" صفحة رقم 239 """"""
دخلت فإذا أنا بشيخ يصلي إلى شجرة فألقى في روعي أنه إلياس فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي فقلت من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا إلياس النبي فقلت: يا نبي الله هل في الأرض اليوم من الأبدال أحد؟ قال: نعم هم ستون رجلاً منهم خمسون بالشام فيما بين العريش إلى الفرات. ومنهم ثلاثة بالمصيصة. وواحد بأنطاكية. وسائر العشرة في سائر أمصار العرب وأخرج إسحاق بن إبراهيم الختلي في كتاب الديباج له بسنده عن داود بن يحيى مولى عون الطفاوي عن رجل كان مرابطاً بعسقلان قال: بينا أنا أسير بالأردن إذ أنا برجل في ناحية الوادي قائم يصلي فوقع في قلبي أنه إلياس فذكر نحو ما قبله ولفظه قلت: فكم الأبدال؟ قال: هم ستون رجلاً خمسون ما بين عريش مصر إلى شاطىء الفرات. ورجلان بالمصيصة. ورجل بأنطاكية. وسبعة في سائر الأمصار بهم تسقون الغيث وبهم تنصرون على العدو وبهم يقيم الله أمر الدنيا حتى إذا أراد أن يهلك الدنيا أماتهم جميعاً.
وفي كفاية المعتقد لليافعي نفعنا الله تعالى ببركته قال بعض العارفين: الصالحون كثير مخالطون للعوام لصلاح الناس في دينهم ودنياهم، والنجباء في العدد أقل منهم، والنقباء في العدد أقل منهم وهم مخالطون للخواص، والأبدال في العدد أقل منهم نازلون في الأمصار العظام لا يكون في المصر منهم إلا الواحد بعد الواحد. فطوبى لأهل بلدة كان فيها اثنان منهم، والأوتاد واحد باليمن وواحد بالشام وواحد في المشرق وواحد في المغرب، والله سبحانه يدير القطب في الآفاق الأربعة من أركان الدنيا كدوران الفلك في أفق السماء، وقد سترت أحوال القطب وهو الغوث عن العامة والخاصة غيره من الحق عليه غير أنه يرى عالماً كجاهل أبله كفطن تاركاً آخذاً قريباً بعيداً سهلاً عسراً آمناً حذراً وكشف أحوال الأوتاد للخاصة وكشف أحوال البدلاء للخاصة والعارفين، وستر أحوال النجباء عن العامة خاصة، وكشف بعضهم لبعض، وكشف حال الصالحين للعموم والخصوص ليقضي الله أمراً كان مفعولا، وعدة النجباء ثلاثمائة، والنقباء أربعون، والبدلاء قيل ثلاثون، وقيل أربعة عشر، وقيل سبعة وهو الصحيح والأوتاد أربعة فإذا مات القطب جعل مكانه خيار الأربعة، وإذا مات أحد الأربعة جعل مكانه خيار السبعة، وإذا مات أحد السبعة جعل مكانه خيار الأربعين، وإذا مات أحد الأربعين جعل مكانه خيار الثلاثمائة، وإذا مات أحد الثلاثمائة جعل مكانه خيار الصالحين، وإذا أراد الله أن يقيم الساعة أماتهم أجمعين، وبهم يدفع الله عن عباده البلاء وينزل قطر السماء انتهى. ثم قال: وقال بعض العارفين: والقطب هو الواحد المذكور في حديث ابن مسعود أنه على قلب إسرافيل ومكانه من الأولياء كالنقطة في الدائرة التي هي مركزها به يقع صلاح العالم قال: وقال بعضهم: لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن أحداً على قلبه إذ لم يخلق الله في عالم الخلق والأمر أعز وألطف وأشرف من قلبه صلى الله عليه وسلّم فقلوب الأنبياء، والملائكة، والأولياء بالإضافة إلى قلبه كإضافة سائر الكواكب إلى كمال الشمس انتهى.