كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 245 """"""
الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق، هذا كلام الغزالي.
وقال تلميذه القاضي أبو بكر بن العربي أحد أئمة المالكية في كتاب قانون التأويل: ذهبت الصوفية إلى أنه إذا حصل للإنسان طهارة النفس في تزكية القلب وقطع العلائق وحسم مواد أسباب الدنيا من الجاء والمال والخلطة بالجنس والإقبال على الله تعالى بالكلية علماً دائماً وعملاً مستمراً كشفت له القلوب ورأى الملائكة وسمع أقوالهم واطلع على أرواح الأنبياء وسمع كلامهم، ثم قال ابن العربي من عنده: ورؤية الأنبياء والملائكة وسماع كلامهم ممكن للمؤمن كرامة وللكافر عقوبة انتهى. [وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد الكبرى] وقال ابن الحاج في المدخل: رؤية النبي صلى الله عليه وسلّم في اليقظة باب ضيق وقلّ من يقع له ذلك إلا من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالباً، مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله في ظواهرهم وبواطنهم، قال: وقد أنكر بعض علماء الظاهر رؤية النبي صلى الله عليه وسلّم في اليقظة وعلل ذلك بأن قال: العين الفانية لا ترى العين الباقية والنبي صلى الله عليه وسلّم في دار البقاء والرائي في دار الفناء، وقد كان سيدي أبو محمد بن أبي جمرة يحل هذا الإشكال ويرده بأن المؤمن إذا مات يرى الله وهو لا يموت والواحد منهم يموت في كل يوم سبعين مرة انتهى.
وقال القاضي شرف الدين هبة الله بن عبد الرحيم البارزي في كتاب توثيق عرى الإيمان قال البيهقي في كتاب الإعتقاد: الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء، وقد رأى نبينا صلى الله عليه وسلّم ليلة المعراج جماعة منهم وأخبر وخبره صدق أن صلاتنا معروضة عليه وأن سلامنا يبلغه، وأن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء، قال البارزي: وقد سمع من جماعة من الأولياء في زماننا وقبله أنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلّم في اليقظة حياً بعد وفاته، قال: وقد ذكر ذلك الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو البيان نبأ ابن محمد بن محفوظ الدمشقي في نظيمته انتهى، وقال الشيخ أكمل الدين البابرتي الحنفي في شرح المشارق في حديث من رآني: الاجتماع بالشخصين يقظة ومناماً لحصول ما به الإتحاد، وله خمسة أصول: كلية الاشتراك في الذات، أو في صفة فصاعداً، أو في حال فصاعداً، أو في الأفعال، أو في المراتب، وكل ما يتعقل من المناسبة بين شيئين أو أشياء لا يخرج عن هذه الخمسة، وبحسب قوته على ما به الاختلاف وضعفه يكثر الاجتماع ويقل، وقد يقوى على ضده فتقوى المحبة بحيث يكاد الشخصان لا يفترقان وقد يكون بالعكس، ومن حصل الأصول الخمسة وثبتت المناسبة بينه وبين أرواح الكمل الماضين اجتمع بهم متى شاء، وقال الشيخ صفي الدين بن أبي المنصور في رسالته، والشيخ عفيف الدين اليافعي في روض الرياحين: قال الشيخ الكبير قدوة الشيوخ العارفين وبركة أهل زمانه أبو عبد الله القرشي: لما جاء الغلاء الكبير إلى ديار مصر، توجهت لأن أدعو فقيل لي لا تدع فما يسمع لأحد منكم في هذا الأمر دعاء، فسافرت إلى الشام فلما وصلت إلى قريب ضريح

الصفحة 245