كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 249 """"""
الخطاب رضي الله عنه في قصة سارية حيث نادى وهو في الخطبة يا سارية الجبل الجبل فأسمع الله سارية كلامه وهو بنهاوند وقصته مع نيل مصر ومراسلته إياه وجريانه بعد انقطاعه، ومنهم عثمان ابن عفان رضي الله عنه قال عبد الله بن سلام: ثم أتيت عثمان لأسلم عليه وهو محصور فقال مرحباً بأخي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في هذه الخوخة فقال: يا عثمان حصروك؟ قلت: نعم قال: عطشوك؟ قلت: نعم فأدلى لي دلواً فيه ماء فشربت حتى رويت حتى أني لأجد برده بين ثديي وبين كتفي فقال: إن شئت نصرت عليهم وإن شئت أفطرت عندنا فاخترت أن أفطر عنده فقتل ذلك اليوم انتهى.
وهذه القصة مشهورة عن عثمان مخرجة في كتب الحديث بالإسناد أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسنده وغيره، وقد فهم المصنف منها أنها رؤية يقظة وإن يصلح عدها في الكرامات لأن رؤية المنام يستوي فيها كل أحد، وليست من الخوارق المعدودة في الكرامات ولا ينكرها من ينكر كرامات الأولياء، ومما ذكره ابن باطيس في هذا الكتاب قال: ومنهم أبو الحسين محمد بن سمعون البغدادي الصوفي قال أبو طاهر محمد بن علي العلان: حضرت أبا الحسن بن سمعون يوماً في مجلس الوعظ وهو جالس على كرسيه يتكلم فكان أبو الفتح القواس جالساً إلى جنب الكرسي فغشيه النعاس ونام فأمسك أبو الحسين ساعة عن الكلام حتى استيقظ أبو الفتح ورفع رأسه فقال له أبو الحسين: رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم في نومك؟ قال: نعم قال أبو الحسين: لذلك أمسكت عن الكلام خوف أن تنزعج وينقطع ما كنت فيه، فهذا يشعر بأن ابن سمعون رأى النبي صلى الله عليه وسلّم يقظة لما حضر ورآه أبو الفتح في نومه، وقال أبو بكر بن أبيض في جزئه: سمعت أبا الحسن بناناً الحمال الزاهد يقول: حدثني بعض أصحابنا قال: كان بمكة رجل يعرف بابن ثابت قد خرج من مكة إلى المدينة ستين سنة ليس إلا للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلّم ويرجع فلما كان في بعض السنين تخلف لشغل أو سبب فقال: بينا هو قاعد في الحجرة بين النائم واليقظان إذ رأى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو يقول: يا ابن ثابت لم تزرنا فزرناك.
تنبيهات: الأول: أكثر ما تقع رؤية النبي صلى الله عليه وسلّم في اليقظة بالقلب ثم يترقى إلى أن يرى بالبصر، وقد تقدم الأمران في كلام القاضي أبي بكر بن العربي، لكن ليست الرؤية البصرية كالرؤية المتعارفة عند الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمر وجداني لا يدرك حقيقته إلا من باشره، وقد تقدم عن الشيخ عبد الله الدلاصي فلما أحرم الإمام وأحرمت أخذتني أخذة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأشار بقوله أخذه إلى هذه الحالة.
الثاني: هل الرؤية لذات المصطفى صلى الله عليه وسلّم بجسمه وروحه أو لمثاله؟ الذين رأيتهم من أرباب الأحوال يقولون بالثاني وبه صرح الغزالي فقال: ليس المراد أنه يرى جسمه وبدنه بل مثالاً له صار ذلك المثال آلة يتأدى بها المعنى الذي في نفسه قال: والآلة تارة تكون حقيقية وتارة تكون خيالية والنفس غير المثال المتخيل، فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى

الصفحة 249