كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
طوله مائتي ذراع وعرضه في مقدمة مائتين وفي مؤخره وثمانين، زاد فيه المهدي مائة ذراع من جهة الشام فقط مائة وخمسين وجعل أبوابه ستة كما كانت في زمن عمر وزاد فيه الوليد بن عبد الملك فجعل طوله مائتي ذراع وعرضه دون الجهات الثلاث هذا ما في شرح المهذب، وأخرج ابن سعد في الطبقات عن الزهري قال: بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند موضع المسجد وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين وكان مربد السهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار وكانا في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى ابتاعه منهما فابتاعه بعشرة دنانير وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالنخل الذي في الحديقة وبالغرقد الذي فيه أن يقطع، وأمر باللبن فضرب، وكان في المربد قبور جاهلية فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم فنبشت وأمر بالعظام أن تغيب، وكان في المربد ماء مستحل فسيروه حتى ذهب وأسسوا المسجد فجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي هذين الجانبين مثل ذلك فهو مربع ويقال: كان أقل من المائة وجعلوا الأساس قريباً من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة ثم بنوه باللبن وبناه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه وجعل ينقل معهم الحجارة بنفسه ويقول:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخره
فاغفر للأنصار والمهاجره
وجعل يقول:
هذا الحمال لا حمال خيبر
هذا أبرر بنا وأطهر
وجعل له ثلاثة أبواب: باباً في مؤخره، وباباً يقال له باب الرحمة وهو الباب الذي يدعى باب عاتكة، والباب الثالث الذي يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو الباب الذي يلي آل عثمان، وجعل طول الجدار بسطه وعمده الجذوع وسقفه جريداً فقيل له: ألا تسقفه؟ فقال: عريش كعريش موسى خشيبات وتمام الشأن أعجل من ذلك، وبنى بيوتاً إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة في البيت الذي بابه شارع إلى المسجد وجعل سودة في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي آل عثمان؛ وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن مجمع بن يزيد قال: بنى رسول الله صلى الله عليه وسلّم المسجد مرتين، بناه حين قدم أقل من مائة في مائة فلما فتح الله عليه خيبر بناه وزاد فيه مثله في الدور وضرب الحجرات ما بينه وبين القبلة، وأخرج أيضاً عن أنس قال: بناه رسول الله صلى الله عليه وسلّم أول ما بناه بالجريد وإنما بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين.
وأخرج البخاري عن ابن عمر أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم مبنياً باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً وزاد فيه عمر وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً، ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج.

الصفحة 27