كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
الجملتين في حكم جملة واحدة كما قرره النحاة في باب العطف في مسألة الذي يطير فيغضب زيد الذباب، فقوله إن أعدته إلى الجملة الأولى لزم الخلف إلى آخره مدفوع بأنه إذا أعيد إليها مقيدة بمضمون ما بعدها لا يلزم ما ذكر والله تعالى أعلم.

رفع السنة في نصب الزنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا يقدر لعرشه زنة. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي نزل عليه أفصح الحديث وأحسنه. وبعد سئلت عن وجه النصب في قول صلى الله عليه وسلّم: (سبحان الله وبحمده زنة عرشه ورضا نفسه وعدد خلقه ومداد كلماته) والجواب عندي أن هذه الكلمات الأربع منصوبات على تقدير الظرف والتقدير قدر زنة عرشه وكذا البواقي، فلما حذف الظرف قام المضاف إليه مقامه في إعرابه، فهذا الإعراب هو المتجه المطرد السالم من الانتقاض، وقد ذكر السائل أنه هل يصح أن يكون منصوباً على المصدر أو على الحال أو على حذف الخافض؟.
وأقول: أما النصب على المصدر فقد ذكره المظهري في شرح المصابيح قال: عدد خلقه منصوب على المصدر أي أعد تسبيحه وتحميده بعدد خلقه وبمقدار ما ترضاه خالصاً وبثقل عرشه ومقداره وبمقدار كلماته، وسبقه إلى ذلك الأشرقي في شرحه قال: عدد خلقه وكذلك ما بعده منصوب على المصدر أي سبحته تسبيحاً يساوي خلقه عند التعداد وزنة عرشه ومداد كلماته في المقدار يوجب رضا نفسه انتهى، فإن أراد بذلك أنه نفسه مصدر وأنه منصوب على أنه مفعول مطلق فلا يخفى ما فيه لا يكون مصدراً للتسبيح كما هو واضح بل يكون مصدراً لفعل من الزنة ويكون التقدير: سبحان الله أزنه زنة عرشه، ولا يخفى فساد هذا التقدير لأنه ليس المراد إنشاء وزن التسبيح بل المراد إنشاء قول التسبيح، والمعنى أقول سبحان الله قولاً كثيراً مقدار زنة عرشه في الكثرة والعظم، وعلى تقدير فعل الزنة يكون المعنى أزن التسبيح زنة عرشه وهو ظاهر الفساد، ثم إذا قدر في الأخرى أعده عدد خلقه كما أفصح به المظهري أدى إلى أن المعنى إنشاء عد التسبيح وليس مراداً بل المراد أقوله قولاً عدد خلقه ثم لا يمكنه ذلك في رضا نفسه.
فإن قيل: يقدر أرضيه رضا نفسه. قلنا: حينئذ يعود الضمير على غير التسبيح وهي في أزنه وأعده عائد على التسبيح فيختل التناسق في الكلمات ثم لا يمكن ذلك في مداد كلماته بلا مرية ويبقى على [كلام] المظهري تعقبان: أحدهما: أن عدداً لو كان مصدراً لم يجىء بالفك لأن مصدر عد على فعل بسكون العين فيجب أن يدغم فيقال عد بالتشديد كرد ومد وشد قال تعالى:) إنما نعد لهم عدا (. والثاني: أنه قال: منصوب على المصدر ثم قال: أي أعد تسبيحه بعدد خلقه فأدخل عليه الباء وليس هذا شأن المصدر الذي

الصفحة 271