كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 273 """"""
مفعولاً [ مطلقاً ] أي ظلم شبراً ومفعولاً فيه أي مقدار شبر ، وقال أيضاً في حديث أنه صلى الله عليه وسلّم أقطع الزبير حضر فرسه : نصب حضر على حذف المضاف أي قدر ما يعدو عدوة واحدة ، ثم أن المسألة منصوصة في كتب النحو قال ابن مالك في التسهيل : الصالح للظرفية القياسية ما دل على مقدار ، وقال في الألفية :
وقد ينوب عن مكان مصدر
وذاك في ظرف الزمان يكثر
وقال ابن هشام في التوضيح : ينوب المصدر عن الظرف إذا كان معيناً لمقدار نحو انتظرتك حلب ناقة ، وقال أبو حيان في شرح التسهيل : قال الصفار في شرح الكتاب : اعلم أن المصدر إذا استعمل في معنى الظرف جاز أن يضاف إلى الفعل ، تقول : أتيتك ريث قيام زيد أي قدر بطء قيامه ، فلما خرجت إلى الظرف جاز فيها ما جاز في الظرف ، ثم أن نصب زنة بخصوصها على الظرفية منصوص عليه من سيبويه وأئمة النحو ، قال ابن مالك في شرح التسهيل : من الجاري مجرى ظرف الزمان باطراد مصادر قامت مقام مضاف إليها تقديراً نحو قولهم هو قرب الدار ووزن الجبل وزنته ، والمراد بالاطراد أن لا تختص ظرفيته بعامل ما كاختصاص ظرفية المشتق من اسم الواقع فيه انتهى ، وقال أبو حيان في شرح التسهيل : وذكر سيبويه من المنتصب ظرفاً صددك وصفيك ووزن الجبل وزنة الجبل وأقطار البلاد وهذه كلها ينصبها وهذه كلها ينصبها الفعل اللازم لإبهامها انتهى ، وقال في الارتشاف : فرق سيبويه بين وزن الجبل وزنة الجبل ، فمعنى وزن الجبل ناحية توازنه أي تقابله قريبة كانت منه أو بعيدة ، وزنة الجبل حذاؤه أي متصلة به وكلاهما مبهم يصل إليهما الفعل وينتصب ظرفاً انتهى ، وقد قال التوربشتي شارح المصابيح في هذا الحديث : زنة عرشه ما يوازنه في القدر يقال هو زنة الجبل أي حذاؤه في الثقل والوزانة انتهى وهذا منه إيماء إلى تخريج الحديث على الظرفية وقد خرجوا على الظرفية ما هو أبلغ من ذلك ، روى أن معاوية استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب فاعتدى عليهم فقال ابن العداء الكلبي :
سعى عقالاً فلم يترك لنا سندا
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
قال ابن الأثير في النهاية : نصب عقالاً على الظرف أراد مدة عقال والعقال صدقة عام ، وقال ابن يعيش في شرح المفصل : من المنصوب على الظرف قولهم سير عليه ترويحتين وانتظر به نحو جزورين والمراد مدة ذلك والترويحتين تثنية الترويحة واحدة التروايح في الصلاة وقال أبو البقاء في قوله صلى الله عليه وسلّم : ( ليصل أحدكم نشاطه ) أنه منصوب على تقدير الظرف أي مدة نشاطه فحذفه وأقام المصدر مقامه ، وقال الأشرقي في شرح المصابيح : يجوز أن يكون نشاطه بمعنى الوقت وأن يراد به الصلاة التي نشط لها. فإن قلت : فما تقول في نصبه على الصفة للمصدر ؟.
قلت : هذا ذكره طائفة ، وأقول : لا يخلو إما أن يجعل صفة للمصدر المذكور وهو سبحان أو لمقدر. فأما الأول فيعكر عليه الفصل بينه وبين موصوفه بقوله وبحمده وذلك ضعيف أو ممنوع ، مع أن عندي في جواز وصف سبحان وقفة فإنه غير متصرف ولم

الصفحة 273