كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 274 """"""
يستعمل إلا علماً للتسبيح منصوباً ولم يتصرف فيه بشيء، وأما الثاني وهو أن يجعل التقدير سبحان الله تسبيحاً زنة عرشه ففيه وقفة من وجوه: الأول: أنه تقدير ما لا حاجة إليه لأن المصدر يصرح به في اللفظ فأي حاجة إلى تقدير مصدر آخر. الثاني: أن المصدر المذكور منصوب بفعل مقدر فإذا قدر مصدر آخر لزم منه تقدير لثلاثة: فعل المصدر الظاهر، والمصدر المقدر، وفعل آخر له لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين ولا ضرورة تدعو إلى ذلك. الثالث: أن الكلام لا يصح إلا بتقدير شيء آخر لأن التسبيح ليس نفس الزنة، فيكون التقدير مثل زنة عرشه، وإذا آل الأمر إلى تقدير مثل فالمراد المثلية في المقدار فرجع إلى ما قلناه من الظرفية خصوصاً أن قوله رضا نفسه لا يصح فيه تقدير المثلية ولهذا قال الأشرقي: يساوي خلقه عند التعداد وزنة عرشه في المقدار ويوجب رضا نفسه فأخرجه عن حيز المساواة وتقدير قدر صحيح فيه أي قدراً يبلغ رضا نفسه.
فإن قلت: بقي وجه إبطال الحال. قلت: إذا قدر أسبح أو أقول سبحان الله موازناً لعرشه فإن جعل حالاً من الفاعل نافره [كون زنة عرشه وما بعده جارياً على سبحان لا على قائله أو من المفعول نافره] إن المفعول هنا مطلق والمعهود مجيء الحال من المفعول به، ولا يمكن كونه من المضاف إليه كما لا يخفى ولا يطرف التقدير بالمشتق في مداد كلماته كما هو ظاهر فبطل الحال. وبقي من الوجوه الممكنة في إعرابه أربعة: أحدها: أن يجعل مفعولاً به لفعل أو وصف مقدر أي يبلغ زنة عرشه أو بالغاً زنة عرشه. الثاني: أن يكون القول مقدراً وسبحان الله مفعول أول وزنة عرشه مفعول ثان على لغة من يجري القول مجرى ظن بلا شرط.
الثالث: أن يكون خبراً لكان مقدرة هي واسمها ضميراً راجعاً إلى التسبيح وتقدر إما بصيغة المضارع أو اسم الفاعل. الرابع: وهو خاص برضا نفسه أن يجعل مفعولاً له على جعل الرضا بمعنى الإرضاء كقولك: سبحت ابتغاء وجه الله وكلها لا يعول عليها والعمدة على الأول والله أعلم آخره والحمد لله.
مسألة: وقع السؤال عن حديث: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مريض أو امرأة أو مسافر أو صبي أو مملوك). رواه الدارقطني من حديث جابر بن عبد الله، فإن هذا الاستثناء من كلام تام موجب فيكون ما بعد إلا واجب النصب فما وجه رفعه وخاض الناس في توجيه ذلك، والذي عندي في الجواب أن هذه الكلمات الواقعة بعد إلا منصوبة ولكن كتبت بلا ألف وهذا ذكره الأئمة في أحاديث كثيرة قال النووي في شرح مسلم في حديث ابن عباس في الإسراء وأرى مالكاً خازن النار وقع في أكثر الأصول مالك بالرفع وهذا قد ينكر ويقال هذا لحن لا يجوز في العربية، ولكن عندي عنه جواب حسن وهو أن لفظة مالك منصوبة ولكن أسقطت الألف في الكتابة وهذا يفعله المحدثون كثيراً فيكتبون سمعت أنساً بغير ألف ويقرؤونه بالنصب، فكذلك مالك كتبوه بغير ألف ويقرؤونه بالنصب، فهذا إن شاء الله من أحسن ما يقال فيه هذا كلام النووي وقال أيضاً في باب

الصفحة 274