كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 300 """"""
الذي يظهر تفضيل الكوثر لأنه عطية الله للنبي صلى الله عليه وسلّم وزمزم عطية الله لإسماعيل ، ولأن الكوثر مصرح بذكره في القرآن في معرض الإمتنان مسنداً إلى نون العظمة ولم يقع في زمزم مثل ذلك.
وأما السؤال السابع والثلاثون : ففي كشف الأسرار قال بعضهم : هما سواء لا يفضل أحدهما على الآخر. ويقال ما دام الرجل صحيحاً فالخوف أفضل وما دام مريضاً فالرجاء أفضل ، ويقال الخوف للعاصي أفضل والرجاء للمطيع أفضل ، ويقال الخوف قبل الذنب أفضل والرجاء بعد الذنب أفضل لأربعة أشياء : أحدها : إلى فضله والخوف من عدله والفضل أكرم من العدل. والثاني : الرجاء إلى الوعد والوعد من بحر الرحمة والخوف من الوعيد والوعيد من بحر الغضب ورحمته سبقت غضبه. الثالث : الرجاء بالطاعة والخوف من المعصية ومن الطاعة ما يعلو على المعاصي كالتوحيد. والرابع : الرجاء بالرحمة والخوف من الذنوب لها نهاية والرحمة لا نهاية لها ، ويقال الخوف أفضل منه لأنه وعد بالخوف جنتين ولم يعد بالرجاء إلا جنة واحدة ، وأيضاً الخوف يمنع من الذنوب وترك الذنوب أفضل من فعل الخيرات. ويقال : من عبد الله بالخوف فهو حروري ، ومن عبد الله بالرجاء فهو مرجىء ، ومن عبد الله بالحب فهو زنديق ، ومن عبد الله بالثلاثة فهو مستقيم.
وأما السؤال الثامن والثلاثون : ففي كشف الأسرار قال النيسابوري : الليل أفضل لوجوه : أحدها أن الليل راحة والراحة من الجنة والنهار تعب والتعب من النار ، وأيضاً فالليل حظ الفراش والنهار حظ اللباس ، ولأن الله تعالى سمى ليلة القدر خير من ألف شهر وليس في الأيام مثلها. وقيل النهار أفضل لأنه نور وأيضاً لا يكون في الجنة ليل وأيضاً النهار للمعاد والمعاش.
قلت : قد وقفت على تأليف في التفضيل بين الليل والنهار لأبي الحسين بن فارس اللغوي صاحب المجمل فذكر فيه وجوهاً في تفضيل هذا ووجوهاً في تفضيل هذا ، فمما ذكره في تفضيل الليل أن الله أنزل فيه سورة مسماة سورة الليل ولم ينزل في النهار سورة تسمى سورة النهار ، وأن الله قدم ذكره على النهار في أكثر الآيات كقوله : ) والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى ( ) وجعلنا الليل والنهار آيتين ( ) جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ( ) قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا ( وأن الله خلقه قبل النهار ، وأن ليالي الشهر سابقة على أيامه ، وأن في الليل ليلة خير من ألف شهر وليس في الأيام مثلها ، وأن في كل ليلة ساعة إجابة وليس ذلك في النهار إلا في يوم الجمعة خاصة ، وأن النهار فيه أوقات تكره فيها الصلاة وليس في شيء من ساعات الليل وقت كراهة والصلاة من أشرف العبادات ، وأن فيه التهجد والاستغفار بالأسحار وهما أفضل من صلاة النهار واستغفاره. وأنه أصح لتلاوة الذكر قال تعالى : ) إن ناشئة الليل هي أشد وطئاً وأقوم قيلا ( وقال : ) أمن هو قانت آناء الليل ساجداً ( وأن الإسراء وقع بالليل قال تعالى : ) سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً (

الصفحة 300