كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 317 """"""
وأما الجواب عن السؤال الخامس فتحصيله أن العلاقة في مجاز المشاكلة التي الآية من أفرادها هو الشبه الصوري حتى أنه أطلق على جزاء السيئة سيئة لكونها مثلها في الصورة، وفيه أن ذلك يخرج الآية عن باب المشاكلة إلى باب الإستعارة، فإن المشاكلة على ما ذكره المحقق التفتازاني هي التعبير عن الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته، وقد صرح التفتازاني بذلك في بعض كتبه حيث قال: السيئة استعارة عما يشبه السيئة صورة ثم قال: لكن وصف السيئة بقوله: مثلها يأبى هذه الإستعارة لأنه بمنزلة أن تقول زيد أسد مثله، والحق أن الآية من قبيل المشاكلة انتهى فأنت ترى كيف جعل الآية باعتبار الشبه الصوري من باب الإستعارة لا من باب المشاكلة، على أن ما ذكره العلامة من أن العلاقة في نوع المشاكلة هو الشبه الصوري لا يتمشى في قوله:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه
قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
إذ لا مشابهة بين الطبخ والخياطة في الصورة كما لا يخفى. وأما الجواب عن السؤال السادس فهو كما ذكره أعزه الله تعالى، وهذا الجواب قد أخذه العلامة المحلى من كلام المحقق التفتازاني ومحصله أن الإيمان لم يكلف به وإنما كلف بأسبابه وفيه من الإشكال ما لا يخفى، قال ذلك وكتبه العبد الفقير إلى الله تعالى المغطى بالزلل والتقصير راجي عفو ربه القريب القدير محمد بن إبراهيم المسمى بالخطيب في ليلة يسفر صباحها عن اليوم الرابع والعشرين من شهر رجب الفرد سنة ثمان وسبعين وثمانمائة فكتب شيخنا الإمام العامل العلامة البحر الحبر الفهامة خاتمة الحفاظ والمجتهدين جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام والمسلمين كمال الدين بن أبي بكر السيوطي الشافعي أعز الله تعالى به الدين وأمتع ببقائه الإسلام والمسلمين الأجوبة عن هذه الاعتراضات بما نصه: الحمد لله أقول والله الهادي للصواب وإليه المرجع والمآب، وردت عليّ هذه الاعتراضات فتأملتها بعين الإنصاف فوجدتها غير واردة، وها أنا أسوق كلماتها مع الجواب عنها واحدة واحدة قوله: ليس الأمر كما زعم فإن اللازم من كون مسماه كلياً على ما ذكره الأكثرون أمران كونه نكرة وعدم دلالته على شخص وهما غير ما ألزمه السائل عليه وذلك أمران جواز إطلاقه على المعنى العام مع أنه لا يطلق عليه وكون استعماله في الخصوصيات مجازاً، أقول ليس الأمر كذلك بل أحد الزامي الأكثرين هو أحد الزامي السائل بعينه الذي أشرت إليه في الجواب وهو عدم دلالته على شخص معين، وبيان ذلك أن الأكثرين قالوا: يلزم من كونه وضع للمعنى العام أنه لا يدل إلا عليه فبطل الملزوم وهو كونه كلياً، وهذا مؤدى قول السائل أنه يلزم على كونه كلياً جواز إطلاقه على المعنى العام مع أنه لا يطلق عليه أي وإنما يطلق على الخاص فمؤدى العبارتين واحد بلا شك غاية ما في الباب أن بينهما قلباً لفظياً فإن العبارة الثانية هي مقلوب العبارة الأولى، وفي كل من العبارتين مقدرات اقتضاها الإيجاز لا بد من إظهارها ليتم المطلوب من الاستنتاج، فعند إظهارها وتفكيك الكلام ينحل مؤداهما إلى واحد، وإذا تقرر أن هذا الإلزام الذي ذكره السائل هو عين الإلزام الذي ذكره الأكثرون

الصفحة 317