كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 320 """"""
المنقول عن الجم الغفير، وإنما يذكر على سبيل البحث والتخلية والتعبير بلفظ أطبق تهويل وليس صحيحاً في نفسه كيف، والمجزوم به في كتب الأصول ذلك أعني أن دلالته بالمطابقة ولم أقف على من نازع في ذلك إلا القرافي وقد رد عليه الأصفهاني في شرح المحصول فشفى وكفى، وقوله: وأما الجواب من السؤال الثالث ففيه أنه جعل علامة المتواطىء أن لا يختلف بأمور من جنس المسمى، ومقتضاه أن علامة التشكيك الاختلاف بأمور من جنس المسمى ليست خارجة وهذا مما لم نره في كلام أحد، أقول: نحن قد رأيناه في كلام القرافي جزم بذلك بهذا اللفظ في الجانبين ونقله عنه غير واحد وإلا فانظروه تجدوه، والعذر لكم في هذا وأمثاله أنكم تقتصرون في كتب الأصول والبيان على نحو العضد، والحاشية، والمطول، وحاشيته فتجدون فيها أبحاثاً فتظنون أنها منقولات أهل الفن أو المجزوم بها فتعتمدونها وتدعون أن المحققين عليها وتشربها قلوبكم وتضربون عن غيرها صفحاً، ولو تجاوزتم إلى كتب المتقدمين والمتأخرين وألممتم بما حوته من الأقوال المختلفة والمباحث المتفرقة والتفريعات لعلمتم حقيقة الأمر في ذلك، وأنا لا أعتقد في الأصول على أناس قصارى أمرهم الرجوع إلى القواعد المنطقية وتنزيل القواعد الأصلية عليها أبداً، إنما أعتمد على أئمة جامعين للأصول والفقه متضلعين منها محيطين بقواعدهما عارفين بتركيب الفروع على الأصول، قد خالطت علوم الشرع والسنن لحومهم ودماءهم، فأين أنت من رسالة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه مبتكر هذا الفن وما عليها من الشروح المطنبة وما تلا ذلك إلى كتب إمام الحرمين. والكيا الهراسي. وحجة الإسلام الغزالي. والإمام فخر الدين الرازي. والسيف الآمدي وهلم جرا. وبعد: فالإنسان بالنسبة إلى الأب والابن متواطىء قطعاً لأن معناه مستوفى النسبة إليهما بلا شبهة، كيف ومعنى الإنسان الحيوان الناطق وهذا المعنى لا يتفاوت بالنسبة إلى الأب والابن كما لا يتفاوت بالنسبة إلى الذكر والأنثى والعالم والجاهل والطويل والقصير، وتفاوته بالتقدم والتأخر كتفاوته بالنسبة إلى المذكورات وليس بالنسبة لماهية الإنسان التي هي الحيوانية والناطقية، بخلاف تفاوت النور في الشمس والسراج فإنه بالنظر إلى جنس المسمى وماهيته هذا أمر لا شبهة فيه، قوله: وأما الجواب عن السؤال الرابع إلى آخره أقول: ما اعاده من كون لفظ القبيح مستعملاً فيما وضع له وإن صرح به جماعة جوابه المنع، ومن صرح بذلك لم يقله على قول الجمهور أنه مجاز لغوي، إنما قاله بناء على قول من قال إنه مجاز عقلي، فجعل القرية مستعملة في حقيقتها كما سئل والمجاز في إسناد السؤال إليها فهو على هذا مجاز تركيب لا مجاز إفراد وليس الكلام فيه، وأما على القول بأنه مجاز إفراد فالقرية قطعاً مستعملة في غير ما وضعت له وهو الأهل فإنها قائمة مقامه في المعنى كما قامت مقامه في الإعراب، وبهذا يظهر انطباق حد المجاز على مثل هذا، وقوله: لم يظهر تضافر الأقوال التي حكاها على عدم الانطباق جوابه أني لم أدع التضافر وإنما قلت كالمتضافرة وشتان ما بين العبارتين عند البلغاء، ووجه ذلك أن اختلافهم في كونه مجازاً بين ناف مطلقاً وتفصيلاً دليل على أن آراءهم اقتضت عدم دخوله في حد

الصفحة 320