كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 326 """"""
الأوج في خبر عوج
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال ورد من الشام صورته: ما تقول السادة العلماء أئمة الدين وعلماء المسلمين وفقهم الله لطاعته أجمعين في عوج بن عنق هل كان له وجود في الخارج في الزمن الماضي أم لا؟ فإن لم يكن له وجود في الخارج أصلاً فما الجواب عما وقع في غالب التفاسير كتفسير القرطبي، والبغوي فإنه ذكره في أربعة مواضع متفرقة على ما اطلعت عليه. والكرماني، وابن الخازن، والثعلبي، وابن عطية وغيرهم من المفسرين من التنويه بذكره وتكرار قصته في مكان بعد آخر، على أن القرطبي، والثعلبي نقلا ذلك عن ابن عمر، والكرماني في تفسيره نقله عن ابن عباس. وإن كان له وجود فهل بقي إلى زمن موسى عليه السلام وهلك على يده أو هلك في الطوفان مع من هلك؟ فإن قلتم ببقائه إلى زمن موسى عليه السلام فما الجواب عن قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام:) رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً (فإنها عامة؟ أو بهلاكه مع من هلك بدعاء نوح عليه السلام من الكافرين؟ فما هذا الذي وقع للبغوي في تفسيره من ادعائه اتفاق العلماء على هلاكه على يد موسى عليه السلام عند تفسير قوله تعالى:) قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة (الآية ولغيره كالثعلبي من ادعاء الإجماع على ذلك، وهل كان طوله هذا الطول العظيم الذي ذكره المفسرون وهو ثلاثة آلاف ذراع وثلثمائة ذراع وثلاثة وثلاثون ذراعاً وثلث ذراع؟ أو كان كآحاد بني آدم؟ فإن كان طوله ما ذكر فما الجواب عن حديث: (إن الله خلق آدم على صورته ستون ذراعاً ثم لم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن) وهل وجد من البشر من قوم عاد أو غيرهم من كان طوله أكثر من ستين ذراعاً أو لم يوجد أحد؟ فإن بعض الناس تمسك بالحديث المذكور وقال: لا يمكن أن يوجد من البشر خلق أطول من آدم عليه السلام، ونفى وجود ابن عنق من الأصل وقال: لم يوجد في العالم شخص اسمه هذا الاسم، وادعى أن جميع ما وقع للمفسرين في تفاسيرهم من ذلك كذب واختلاق. والمسئول بسط الجواب والكلام على الحديث المذكور والآية المذكورة أولاً، وهل الآية والحديث من العام الذي لم يخص وبقي على عمومه لعدم المخصص أم لا؟ وذكر ما وقع للمفسرين في ذلك على طريق البسط والإيضاح وذكر الصواب في ذلك كله، وهل تعرض أحد لضبطه وضبط اسمه؟ أقتونا مأجورين أثابكم الله الجنة بمنه وكرمه.
الجواب: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. قال العلامة شمس الدين ابن القيم في كتابه المسمى بالمنار المنيف في الصحيح والضعيف: من الأمور التي يعرف بها كون الحديث موضوعاً أن يكون مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه كحديث عوج بن عنق الطويل الذي قصد واضعه الطعن في أخبار الأنبياء فإنهم يخبرون على هذه

الصفحة 326