كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 327 """"""
الأخبار، فإن في هذا الحديث أن طوله كان ثلاثة آلاف ذراع وثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث، وأن نوحاً عليه السلام لما خوفه الغرق قال له: احملني في قصعتك هذه، وأن الطوفان لم يصل إلى كعبه، وأنه خاض البحر فوصل إلى حجزته، وأنه كان يأخذ الحوت من قرار البحر فيشويه في عين الشمس، وأنه قلع صخرة عظيمة على قدر عسكر موسى وأراد أن يرصعهم بها فقورها الله في عنقه مثل الطوق. وليس العجب من جرأة مثل هذا الكذاب على الله إنما العجب ممن يدخل هذا الحديث في كتب العلم من التفسير وغيره ولا يبين أمره وهذا عندهم ليس من ذرية نوح وقد قال تعالى:) وجعلنا ذريته هم الباقين (فأخبر أن كل من بقي على وجه الأرض فهو من ذرية نوح، فلو كان لعوج وجود لم يبق بعد نوح، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: (خلق الله آدم وطوله في السماء ستون ذراعاً فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن) وأيضاً فإن بين السماء والأرض خمسمائة عام وسمكها كذلك، وإذا كانت الشمس في السماء الرابعة بيننا وبينها هذه المسافة العظيمة فكيف يصل إليها من طوله ثلاثة آلاف ذراع حتى يشوي في عينها الحوت، ولا ريب أن هذا وأمثاله من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء والسخرية بالرسل وأتباعهم. انتهى كلام ابن القيم. وتابعه على ذلك الحافظ عماد الدين بن كثير فقال في كتابه البداية والنهاية: قصة عوج بن عنق وجميع ما يحكون عنه هذيان لا أصل له وهو من مختلقات زنادقة أهل الكتاب، ولم يكن قط على عهد نوح ولم يسلم من الغرق من الكفار أحد قلت: وقد أخرج ابن المنذر في تفسيره بسنده عن ابن عمرو قال: طول عوج ثلاثة عشر ألف ذراع وعوج رجل من قوم عاد يغدو مع الشمس ويروح معها. وقد أورد بعض المصنفين هذا في تأليفه ثم قال: وهذا مما يستحي الشخص أن ينسبه إلى عمرو لضعفه عنه قال: ورد ذلك آخرون بما ثبت في الصحيح أن الله تعالى خلق آدم ستين ذراعاً ثم ما زال الناس ينقصون حتى اليوم قال: وأجاب بعضهم عن هذا بأنه على الغالب والأكثر وغير منكر أن يطول الأولاد عن آبائهم. وقال صاحب القاموس: عوج بن عنق بضمهما رجل ولد في منزل آدم فعاش إلى زمن موسى وذر من عظم خلقه بشاعة. وقال الطبراني في المعجم الكبير: حدثنا أبو مسلم الكجي ثنا معمر ابن عبد الله الأنصاري ثنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود قال: كان طول موسى عليه السلام اثني عشر ذراعاً وعصاه اثني عشر ووثبته اثني عشر فضرب عوج بن عنق فما أصاب منه إلا كعبه، وقال أبو الشيخ ابن حيان في كتاب العظمة: حدثنا إسحاق بن جميل ثنا أبو هشام الرفاعي ثنا أبو بكر بن عياش ثنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان أقصر قوم عاد سبعين ذراعاً وأطولهم مائة ذراع وكان طول موسى سبع أذرع وطول عصاه سبع أذرع ووثب في السماء سبع أذرع فأصاب كعب عوج فقتله. وقال: أنا

الصفحة 327