كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 328 """"""
أحمد بن الحسن الصوفي ثنا علي بن الجعد أنا أبو خيثمة زهير عن أبي إسحاق الهمداني عن نوف قال: إن سرير عوج الذي قتله موسى طوله ثمانمائة ذراع وعرضه أربعمائة ذراع، وكان موسى عشر أذرع وعصاه عشر أذرع ووثبته حين وثب عشر أذرع فأصاب عقبه فخر على نيل مصر فحسره للناس عاماً يمرون على صلبه وأضلاعه. وقال: ثنا أحمد بن محمد المصاحفي ثنا محمد بن أحمد بن البراء ثنا عبد المنعم بن إدريس عن أبيه قال: ذكر وهب بأن عوج بن عنق كانت أمه من بنات آدم عليه السلام وكانت من أحسنهن وأجملهن، وكان عوج ممن ولد في دار آدم وكان جباراً خلقه الله كما شاء أن يخلقه. ولا يوصف عظماً وطولاً وعمراً فعمر ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنة وكان طوله ثمانمائة ذراع وعرضه أربعمائة ذراع حتى أدرك زمان موسى عليه السلام، وكان قد سأل نوحاً أن يحمله مع السفينة فقال له نوح: لم أؤمر بذلك أي عدو الله أغرب عني فكان الماء زمان الغرق إلى حجزته، وكان يتناول الحوت من البحر فيرفعه بيده في الهواء فينضجه بحرّ الشمس ثم يأكله، وكان سبب هلاكه أنه طلع على بني إسرائيل وهم في عسكرهم فحزره حتى عرف قدره، وكان عسكرهم فرسخين في فرسخين فعمد إلى جبل فسلخ منه حجراً على قدر العسكر ثم احتمله على رأسه يريد أن يطبقه عليهم فأرسل الله هدهداً ليريهم قدرته فأقبل وفي منقاره خط من السامور فجاءه الحجر على قدر رأس عوج وهو لا يدري ثم ضرب بجناحه ضربة فوقع في عنقه فأخبر موسى خبره فخرج إليه ومعه العصا فلما نظر إليه موسى حمل عليه فكان قامة موسى وبسطته سبع أذرع وطول العصا سبع أذرع ووثبته إلى السماء سبع أذرع فضربه بالعصا أسفل من كعبه فقتله فمكث زماناً بين ظهراني بني إسرائيل ميتاً.
قلت: هذا الخبر باطل كذب آفته عبد المنعم بن إدريس. قال الذهبي في الميزان: قصاص ليس يعتمد عليه تركه غير واحد. وأفصح أحمد بن حنبل فقال: كان يكذب على وهب بن منبه. وقال البخاري: ذاهب الحديث. وقال ابن حبان: يضع الحديث على أبيه وعلى غيره. وقال الحافظ ابن حجر في اللسان: نقل ابن أبي حاتم عن إسماعيل بن عبد الكريم قال: مات إدريس وعبد المنعم رضيع. وكذا قال أحمد إذا سئل عنه: لم يسمع من أبيه شيئاً. وقال ابن معين: كذاب خبيث. وقال الفلاس: متروك. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث. وقال ابن المديني، والنسائي: ليس بثقة انتهى. وما رأيتهم أوردوا حديثاً من روايته إلا حكموا عليه بالبطلان. وفي كتاب الموضوعات لابن الجوزي من ذلك شيء كثير، بل ذكر ابن الجوزي أن أباه إدريس أيضاً متروك فسقط هذا الخبر بالكلية. والأقرب في أمره أنه كان من بقية عاد، وأنه كان له طول في الجملة مائة ذراع أو شبه ذلك لا هذا القدر المذكور، وأن موسى عليه السلام قتله بعصاه هذا القدر الذي يحتمل قبوله والله أعلم.

الصفحة 328