كتاب الحاوي للفتاوي ـ العلمية (اسم الجزء: 2)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
إليه ويحيى من صغار التابعين فإنه رأى أنس بن مالك وحده ، وقد يعد في أتباع التابعين باعتبار أنه لم يلق غيره من الصحابة ولا يعرف له عن أحد منهم رواية متصلة ، وقد وهم بعض الرواة فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلّم إن وجد عنه الجزم بذلك ، وذلك أن الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلّم فذكره ، وقال الطبراني : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم إلا بهذا الإسناد ، وهذا الحديث حكم عليه الحفاظ بالوهم في رفعه فإن ليث بن أبي سليم متفق على ضعفه قال فيه أحمد بن حنبل : مضطرب الحديث. وقال : ما رأيت يحيى بن سعيد أسوأ رأياً في أحد منه في ليث لا يستطيع أحد أن يراجعه فيه ، وقال فيه ابن معين ، والنسائي : ضعيف ، وقال ابن معين : ليث أضعف من عطاء بن السائب ، وقال عثمان ابن أبي شيبة : سألت جريراً عن ليث ، وعن عطاء بن السائب ، وعن يزيد بن أبي زياد فقال : كان يزيد أحسنهم استقامة في الحديث ثم عطاء وكان ليث أكثرهم تخليطاً ، قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : وسألت أبي عن هذا فقال : أقول كما قال جرير ، وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري : حدثنا يحيى بن معين عن يحيي بن سعيد القطان أنه كان لا يحدث عن ليث بن أبي سليم ، وقال عمرو بن علي : كان يحيى لا يحدث عن ليث بن أبي سليم ، وقال أبو معمر القطيعي : كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم ، وقال علي ابن المديني : قلت لسفيان إن ليثاً روى عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلّم يتوضأ فأنكر ذلك سفيان وعجب منه أن يكون جد طلحة لقي النبي صلى الله عليه وسلّم ، وقال علي بن محمد الطنافسي : سألت وكيعاً عن حديث من حديث ليث بن أبي سليم فقال : ليث ليث كان سفيان لا يسمى ليثاً ، وقال قبيصة ، قال شعبة لليث بن أبي سليم : أين اجتمع لك عطاء ، وطاووس ، ومجاهد ؟ فقال إذ أبوك يضرب بالخف ليلة عرسه فما زال شعبة متقياً لليث مذ يومئذ ، وقال أبو حاتم : أقول في ليث كما قال جرير بن عبد الحميد ، وقال ابن أبي حاتم : سمعت أبي ، وأبا زرعة يقولان : ليث لا يشتغل به وهو مضطرب الحديث ، وقال أبو زرعة أيضاً : ليث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث ، وقال مؤمل بن الفضل : قلنا لعيسى بن يونس لم تسمع من ليث بن أبي سليم ؟ قال : قد رأيته وكان قد اختلط وكان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن ، وقال ابن حبان : اختلط في آخر عمره.
هذا مجموع كلام أئمة الحديث في تخريجه. والحاصل أنه كان في حال صحة عقله كثير التخليط في حديثه بحيث جرح بسبب ذلك ثم طرأ له بعد ذلك الاختلاط في عقله فازداد حاله سوءاً ، وحكم المختلط الذي كان قبل اختلاطه من الثقات الحفاظ المحتج بهم أن ما رواه بعد اختلاطه يرد ، وكذا ما شك فيه هل رواه قبل الاختلاط أو بعده فإنه مردود. فإذا كان هذا حكم من اختلط من الثقات الحفاظ الذين يحتج بهم فكيف بمن اختلط من الضعفاء المجرحين الذين لا يحتج بهم قبل طروء الاختلاط عليهم ؟ وقد جرت عادة الحفاظ إذا ترجموا أحداً ممن تكلم فيه أن يسردوا في ترجمته كثيراً من الأحاديث التي

الصفحة 8