كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 2)

وَإِمَّا تمدد وَإِمَّا ضَرْبَان وإمّا دوار وطنين دلّ على سدد وَضعف من القوّة الدافعة وامتلاء. ويستدلّ على جنسه بِأَن اللاذع الواخز المحرق الْقَلِيل الثّقل المصفر للون فِي الْوَجْه وَالْعين يدلّ على أَن الْمَادَّة صفراوية. والضرباني الثقيل المحمّر للّون فِي الْوَجْه وَالْعين والنافخ للعروق يدلّ على أَنَّهَا دموية. والمكسِّل المبلد المصبِّر اللَّوْن مَعَه إِلَى الرصاصيّة الجالب للنوم وَالنُّعَاس يدل على أَنَّهَا بلغمية. فإنَ كمد اللَّوْن فِي تِلْكَ الْحَال وَفَسَد الذِّكر وَكَانَ الرَّأْس أخف ثقلاً وَلم يكن النّوم بذلك المستولي وَلم يكن سَائِر العلامات دلّ على أَنَّهَا سوداوية. فإنّ كَانَ شَيْء من هَذِه مَعَ طنين ودوار وانتقال دلّ على أَن الْمَادَّة تولّد ريحًا ونفخاً وبخاراً وَأَن لَهُ حرارة فاعلة فِيهَا وَأما إِن كَانَ احتباس الفضول مَعَ خفّة الرَّأْس دلّ على اليبس على الْإِطْلَاق. وَهَذَا الْبَاب الَّذِي أوردناه يخْتَص بكميّة الانتفاض والامتناع وَإِمَّا من كيفيته فَمثل الضَّارِب إِلَى الصُّفْرَة والرقّة والحرارة والمرارة واللذغ يدلّ عَليّ أَنَّهَا صفراوية وَإِلَى الْحمرَة والحلاوة مَعَ حمرَة الْوَجْه والعينين ودرور العَرَق والحرارة يدل على أَنَّهَا دمويّة. والمالح أَو الحلو مَعَ عدم سَائِر العلامات أَو البور فِي الْبَارِد المَلْمَس أَو الْحَار الملمس يدلّ على بلغم فعلت فِيهِ حرارة والتفه الغليظ الْبَارِد الملمس يدل على بلغم فجّ وَهَذِه الاستدلالات من كَيْفيَّة المنتفض فِي طعمه ولونه ولمسه وقوامه. وَأما من الرَّائِحَة فعفن الرَّائِحَة وحدتها يدلّ على الْحر وَعدم الرَّائِحَة رُبمَا دلّ على الْبرد لَيْسَ بِدلَالَة الأوّل على الْحر. وَأما مَا يتَعَلَّق بالأشياء الَّتِي تظهر على جلدَة الرَّأْس وَمَا يَليهَا من القروح والبثور والأورام فَإِنَّهَا تدلّ فِي الْأَكْثَر على مواد كَانَت فانتفضت وَلَا تدل على حَال الدِّمَاغ فِي الْوَقْت دلَالَة وَاضِحَة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون فِي التزيد ولأنك عَارِف بِأَسْبَاب الأورام الحارة والباردة والصلبة مِنْهَا والسرطانيّة والقروح الساعية والساكنة وَغير ذَلِك فَلَيْسَ بصعب عَلَيْك الِاسْتِدْلَال مِنْهَا على حَال الرَّأْس وَالشعر أَيْضا فقد عرفت فِي الْكتاب الأوّل أَسبَاب حُدُوثه وَعرفت السَّبَب فِي جعودته وسبوطته ورقّته وغلظه وكثرته وقلته وَسُرْعَة شَيْبه وبطئه وستعلم سَبَب تشقّقه وتمرطه وانتثاره فِي أَبْوَاب مَخْصُوصَة فَيعرف مِنْهَا كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال من الشّعْر وَنحن نحيل بذلك على ذَلِك الْموضع هرباً من التَّطْوِيل والتكثير. فصل فِي الدَّلَائِل الْمَأْخُوذَة من الْمُوَافقَة والمخالفة وَسُرْعَة الانفعالات وبطئها أما العلامات الْمَأْخُوذَة من جنس الْمُوَافقَة والمخالفة وَسُرْعَة الانفعال وبطئه فإنّ الموافقات والمخالفات لَا تَخْلُو إمّا أَن تعْتَبر فِي حَال لَا يُنكر صَاحبهَا من صحّته الَّتِي يحسبه شَيْئا أَو فِي حَال خُرُوجه عَن الصِّحَّة وَتغَير مزاجه عَن الطبيعة فموافقه فِي حَال صحّته الَّتِي

الصفحة 16