كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 2)

تَحْتَهُ على مصروعية صَاحبه وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال بلون اللِّسَان كالاستدلال بلون الْعين فإنّ ذَلِك شَدِيد الِاخْتِصَاص بالدمغ وَأما لون اللِّسَان فقد يسْتَدلّ بِهِ على أَحْوَال الْمعدة لكنه إِذا علم أَن فِي الدِّمَاغ آفَة لم يبعد الِاسْتِدْلَال بِهِ. وَأما الْمَأْخُوذ من الْوَجْه فإمَّا من لَونه فَأَنت تعلم دلَالَة الألوان على الأمزاجة وَإِمَّا من سمنه وهزاله فَإِن سمنه وحمرته يدل على غَلَبَة الدَّم وهزاله مَعَ الصُّفْرَة يدلّ على غَلَبَة الصَّفْرَاء وهزاله مَعَ الكمودة يدل على غَلَبَة اليبس السوداويّ والتهيّج يدلّ على غَلَبَة الدَّم والمائية بعد أَن تكون هَذِه أحوالاً عارضة لَيست أصليّة وَبعد أَن يعلم أَن لَا علّة فِي الْبدن تغير السحنة إِلَّا فِي جَانب من الدِّمَاغ وَأما الْمَأْخُوذَة من حَال الرَّقَبَة فَإِنَّهَا إِن كَانَت قويه غَلِيظَة دلّت على قُوَّة من قوى الدِّمَاغ ووفوره وَإِن كَانَت قَصِيرَة دقيقة فبالضد وَإِن كَانَت مهيأة لقبُول خنازير وأورام فالسبب فِي ذَلِك لَيْسَ ضعفا فِيهَا وَلَا إِذا خلت عَن ذَلِك فالسبب فِيهِ قوّة لَهَا بل السَّبَب فِي ذَلِك ضعف الْقُوَّة الهاضمة الَّتِي فِي الدِّمَاغ لشَيْء من أَنْوَاع المزاج الَّذِي نذكرهُ وقوّة من الْقُوَّة الدافعة فإنّ نواحي الْعُنُق قَابِلَة لما يَدْفَعهُ الدِّمَاغ بِاللَّحْمِ الرخو الغددي الَّذِي فِيهَا. وَكَذَلِكَ حَال الدَّلَائِل الْمَأْخُوذَة من حَال اللهاة واللوزتين والأسنان أَيْضا وأمّا الْمَأْخُوذَة من حَال الْأَعْضَاء العصبانية الْبَاطِنَة فَذَلِك من طَرِيق أَحْكَام الْمُشَاركَة فَإِنَّهَا من الْوَاجِب أَن تشارك الدِّمَاغ والنخاع كَمَا إِذا دَامَت الْآفَات عَلَيْهَا جلبت إِلَى الدِّمَاغ النَّوْع من الْمَرَض الَّذِي بهَا أَو رُبمَا أحدث بهَا ذَلِك من الدِّمَاغ فالأعصاب إِذا قويت وغلظت وقويت مسالكها الَّتِي تتَحَقَّق عَلَيْهَا دلّت على قوّة الدِّمَاغ وَدلّ ضد ذَلِك على ضدها. فصل فِي الِاسْتِدْلَال من المشاركات لأعضاء يشاركها الدِّمَاغ وَيقرب مِنْهَا. إِذا كَانَت الْأَعْضَاء الْمُشَاركَة للدماغ قَوِيَّة فالدماغ قوي وَإِن كَانَت كَثِيرَة الْآفَات لَا لأسباب ظَاهِرَة تصل إِلَيْهَا فَإِن الدِّمَاغ ضَعِيف أَو مؤف وَرُبمَا كَانَت تِلْكَ الْآفَات فِي الْأَعْضَاء الْأُخْرَى بمشاركة آفَة الدِّمَاغ مثل مَا يتّفق أَن لَا ينْهض الْمَرِيض لبول أَو برَاز مُحْتَاج إِلَيْهِ لعدم الْحس كَمَا يتَّفق فِي ليثرغس وَقد السبات السهري وَنَحْوه أَو أثقل الْحَرَكَة عَلَيْهِ كَمَا فيهمَا. وَفِي فرانيطس وَمثل الْعَجز عَن الازدراد والغصص والشرق فِي هَذِه الْأَمْرَاض وَمثل دَلَائِل النَّفس فَإِن النَّفس قد يَنْقَطِع وَيبْطل بِسَبَب آفَة فِي الدِّمَاغ متعدية إِلَى الْحجاب وأعضاء النَّفس وكما أَن كبر النفسِ وعظمه أدلّ على صبار أَو ضيقه وصغره على السباب السهري والليثرغس وَقد يسْتَدلّ من طَرِيق المشاركات فِي

الصفحة 21