كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 2)

الأوجاع أَيْضا على أَحْوَال الدِّمَاغ وعَلى النَّحْو الْمَذْكُور وَقد يسْتَدلّ من كَيْفيَّة الْمُشَاركَة مثل إِنَّه إِن بلغ الوجع أصُول الْعَينَيْنِ فِي الصداع دلّ على أَن السَّبَب خَارج القحف وَقد يسْتَدلّ أَيْضا من امتلاء الْعُرُوق وخلائها وَمن لون الْجلْدَة وَغير ذَلِك مِمَّا سلف بعضه فِي خلل أَبْوَاب أُخْرَى. فصل فِي الِاسْتِدْلَال على الْعُضْو الَّذِي يألم الدِّمَاغ بمشاركته إِن أَكثر الْأَعْضَاء إِيذَاء للدماغ بالمشاركة هِيَ: الْمعدة فَيجب أَن يسْتَدلّ على ذَلِك من حَال الشَّهْوَة والهضم وَحَال الجشاء والقراقر وَحَال الفواق والغثيان وَحَال الخفقان المعدي. وَينظر فِي كَيْفيَّة الِاسْتِدْلَال من هَذِه على الْمعدة حَيْثُ تكلمنا فِي الْمعدة. ويستدل أَيْضا من حَال الخواء والامتلاء فَإِن مشاركات الدِّمَاغ للمعدة وَهِي ممتلئة أَو ذَات نفخة يظْهر فِي حَال امتلائها. وَأما مشاركته إِيَّاهَا بِسَبَب الْحَرَارَة والمرّة الصَّفْرَاء وأوجاعها الَّتِي تكون من ذَلِك وَمن شدّة الْحس فَيظْهر فِي حَال الخواء وَكَثِيرًا مَا يكون الامتلاء سَببا لتعدل المزاج وساداً بَين البخار الْحَار وَبَين الدِّمَاغ. وأخص مَا يستدلّ بِهِ مَوضِع الوجع فِي ابْتِدَائه واستقراره فَإِن أمراض الدِّمَاغ بمشاركة الْمعدة قد يدلّ عَلَيْهَا الوجع إِذا ابْتَدَأَ من اليافوخ ثمَّ انصبّ إِلَى مَا بَين الْكَتِفَيْنِ ويشتدّ عِنْد الهضم وَقد يمرض الرَّأْس بمشاركته الكبد فَيكون الْميل من الأوجاع إِلَى الْيَمين كَمَا إِذا كَانَ بمشاركة الطحال كَانَ الْميل من الأوجاع إِلَى الْيَسَار وَقد تكْثر مُشَاركَة الدِّمَاغ للمراق وَمَا يَلِي الشراسيف فَيكون الوجع مائلاً إِلَى قُدَّام جدا وَقد يُشَارك الرَّحِم فَيكون مَعَ أمراض الرَّحِم. ودلائلها الْمَذْكُورَة فِي بَابه وَيقف الوجع حاق اليافوخ وَأكْثر مشاركات الدِّمَاغ للأعضاء يَقع بأبخرة تصعد إِلَيْهِ وَطَرِيق صعودها إِمَّا مَا يَلِي قُدَّام الشراسيف فيحس أَولا بتمددها إِلَى فَوق وتوتر وضربان فِي الْعرق الَّذِي يَليهَا ويحس ابْتِدَاء الْأَلَم من قُدَّام. وَأما مَا يَلِي نَاحيَة الْقَفَا فيحس ابْتِدَاء الْأَلَم من خلف وتوتر الْعُرُوق والشرايين الْمَوْضُوعَة من خلف ويحس هُنَاكَ بالضربان وَإِذا راعيت أَعْرَاض الْعُضْو المشارك فَيجب أَن لَا يكون الْعرض عرض لذَلِك الْعُضْو فِي نَفسه بل لسَبَب مشاركته للدماغ لَا مُشَاركَة الدِّمَاغ لَهُ. فَإنَّك كَمَا تستدلّ من الغثيان على أَن الْعلَّة الدماغية بشركة الْمعدة فَلَا يبعد أَن تغلط فَتكون الْعلَّة فِي

الصفحة 22