كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 2)

بتدويره من الْآفَات وقوياً على حمل مَا يعْتَمد عَلَيْهِ من الْحجاب المدرج وَهُنَاكَ يجْتَمع بَطنا الدِّمَاغ المقدمان اجتماعاً يتراءيان للمؤخر فِي هَذَا المنفذ وَذَلِكَ الْموضع يُسمى مجمع البطنين وَهَذَا المنفذ نَفسه بطن. وَلما كَانَ منفذاً يُؤَدِّي عَن التَّصَوُّر إِلَى الْحِفْظ كَانَ أحسن مَوضِع للتفكّر والتخيل على مَا علمت ويستدل على أَن هَذِه الْبُطُون مَوَاضِع قوى تصدر عَنْهَا هَذِه الْأَفْعَال من جِهَة يعرض لَهَا من الْآفَات فَيبْطل مَعَ آفَة كل جُزْء فعله أَو يدْخلهُ آفَة والغشاء الرَّقِيق يستبطن بعضه فيغشي بطُون الدِّمَاغ إِلَى الفجوة الَّتِي عِنْد الطاق وَأما مَا وَرَاء ذَلِك فصلابته تكيفه تغشية الْحجاب إِيَّاه وَأما التزريد الَّذِي فِي بطُون الدِّمَاغ فليكون للروح النفساني نُفُوذ فِي جَوْهَر الدِّمَاغ كَمَا فِي بطونه إِذْ لَيْسَ فِي كل وَقت تكون الْبُطُون متّسعة منفتحة أَو الرّوح قَلِيلا بِحَيْثُ تسعه الْبُطُون فَقَط. وَلِأَن الرّوح إِنَّمَا تكمل استحالته عَن المزاج الَّذِي للقلب إِلَى المزاج الَّذِي للدماغ بِأَن ينطبخ فِيهِ انطباخاً يَأْخُذ بِهِ من مزاجه فَهُوَ أول مَا يتَأَدَّى إِلَى الدِّمَاغ يتأدّى إِلَى جَوْفه الأول فيطبخ فِيهِ ثمَّ ينفذ إِلَى الْبَطن الْأَوْسَط فَيَزْدَاد فِيهِ انطباخاً ثمَّ يتمّ انطباخه فِي الْبَطن الْمُؤخر والانطباخ الْفَاضِل إِنَّمَا يكون لمخالطة وممازجة ونفوذ فِي أَجزَاء الْمَطْبُوخ من أَجزَاء الطابخ كَحال الْغذَاء فِي الكبد على مَا نصفه فِيمَا يسْتَقْبل لَكِن زرد المقدّم أَكثر إفراداً من زرد المؤخّر لِأَن نِسْبَة الزرد إِلَى الزرد كنسبة الْعُضْو إِلَى الْعُضْو بالتقريب وَالسَّبَب المصغر للمؤخر عَن الْمُقدم مَوْجُود فِي الزرد وَبَين هَذَا الْبَطن وَبَين الْبَطن الْمُؤخر وَمن تحتهما مَكَان هُوَ متوزعّ العرقين العظيمين الصاعدين إِلَى الدِّمَاغ اللَّذين ذكرناهما إِلَى شعبهما الَّتِي تنتسج مِنْهَا المشيمة من تَحت الدِّمَاغ. وَقد عَمَدت تِلْكَ الشّعب بجرم من جنس الْغَد يمْلَأ مَا بَينهَا ويدعمها كالحال فِي سَائِر المتوزعات العرقية فَإِن من شَأْن الْخَلَاء الَّذِي يَقع بَينهَا أَن يمْلَأ أَيْضا بِلَحْم غددي وَهَذِه الغدة تتشكّل بشكل الشّعب الموصوفة وعَلى هَيْئَة التوزعّ الْمَوْصُوف. فَكَمَا أَن التشعب والتوزعّ الْمَذْكُور يَبْتَدِئ من مضيق وَيتَفَرَّع إِلَى سَعَة يُوجِبهَا الانبساط كَذَلِك صَارَت هَذِه الغدّة صنوبرية رَأسهَا يَلِي مبدأ التوزعّ من فَوق وَتذهب متوجهة نَحْو غايتها إِلَى أَن يتم تدلي الشّعب وَيكون هُنَاكَ منتسج على مِثَال المنتسج فِي المشيمة فيستقر فِيهِ. والجزء من الدِّمَاغ الْمُشْتَمل على هَذَا الْبَطن الْأَوْسَط خَاصَّة أجزاؤه الَّتِي من فَوق دودية الشكل مزردة من زرد مَوْضُوعَة فِي طوله مربوط بَعْضهَا بِبَعْض ليَكُون لَهُ أَن يتمدد وَأَن يتقلّص كالدود وباطن فَوْقه مغشى بالغشاء الَّذِي يستبطن الدِّمَاغ إِلَى حد الْمُؤخر وَهُوَ مركب على زائدتين من الدِّمَاغ مستديرتين إحاطة الطول كالفخذين يقربان إِلَى التمَاس ويتباعدان إِلَى الانفراج تركيباً بأربطة تسقى وترات لِئَلَّا يَزُول عَنْهَا تكون الدودة إِذا تمددت وضاق عرضهَا ضغطت هَاتين الزائدتين إِلَى الِاجْتِمَاع فينسد المجرى وَإِذا تقلصت إِلَى

الصفحة 8