كتاب القانون في الطب (اسم الجزء: 2)

الْجِمَاع ويقلوا من الاستحمامات فَإِنَّهَا تذيب الأخلاط وتسيلها إِلَى المفاصل. وَأما مياه الحميات فنافعة لَهُم فِي وَقت الْمَرَض. وَمِمَّا يَنْفَعهُمْ فِي ابْتِدَاء الحمامات وَبعد الْفَرَاغ مِنْهَا وَفِي وسط دُخُولهمْ فِيهَا صب المَاء الْبَارِد على المفاصل إِن لم يكن مَانع من ضعف العصب وَقد يدْفع هَذَا ضَرَر الحمامات وَيجب أَن لَا يَنَامُوا على الطَّعَام الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ أضرّ الْأَشْيَاء لَهُم. علاج عرق النسا: العلاج الَّذِي هُوَ أخص بعرق النسا وأوجاع الورك وَالركبَة الراسخة يجب أَن يرجع فِيهِ إِلَى القوانين المعطاة فِي بَاب أوجاع المفاصل. وَأَنت تعلم أَنَّهَا تفارق سَائِر أوجاع المفاصل بِأَن الردع فِي الِابْتِدَاء رُبمَا أضرّ بهَا ضَرَرا شَدِيدا لِأَن الْمَادَّة عميقة والردع يحبسها هُنَاكَ ويجعلها بِحَيْثُ يعسر تحللها ويهيئ لخلع المفاصل إِذْ هِيَ بِغَيْر ردع كَذَلِك بل يجب إِن أردْت تسكين الوجع فِي الِابْتِدَاء أَن تسكنه بالمرخيات الملينات اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يتَّفق أَن تكون الْمَادَّة رقيقَة جدا وَقد يصعب علاجه فِي الْبَلَد الْبَارِد وَالزَّمَان الْبَارِد وَفِي السمان وَفِي الشق الْأَيْسَر أغيب. وَأما الدموي مِنْهُ فأنفع الْأَشْيَاء لَهُ الفصد وَينْتَفع. فِي الْحَال بالفصد أَولا من الْيَد ثمَّ من الرجل وَلَا يفصد من الرجل إِلَّا بعد الفصد من الْيَد وَينْتَفع فِيهِ بالقيء. وَأما الإسهال فَرُبمَا أخر وَاقْتصر على الْقَيْء الْقوي لِئَلَّا يجذب الإسهال الْمَادَّة إِلَى أَسْفَل إِلَّا أَن تعلم أَن الْمَادَّة قَليلَة. وَمن الْجيد أَن يَصُوم يَوْمَيْنِ ثمَّ يفصد. وَاعْلَم أَن فصد عرق النسا أَنْفَع فِي عرق النسا من الصَّافِن بِكَثِير اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون الوجع لَيْسَ ممتداً فِي الوحشي بل يكون ضربا آخر امتداده فِي الأنسي فَيكون الصَّافِن أَحْمد فِيهِ من عرق النسا على أَنَّهُمَا شعبتا عرق وَاحِد ليستا كالباسليق والقيفال فِي الْيَدَيْنِ. لَكِن جالينوس يذكر الصَّافِن وعرق المأبض فَقَط. وفصد عرق المأبض أَنْفَع من عرق النسا. وَقيل: أَن هَذَا لعرق أَنْفَع من عرق النسا كَمَا أَن الأسيلم أَنْفَع من عرق الباسليق فِي علل الكبد وَالطحَال. وَأما البلغمي مِنْهُ فَيجْرِي مجْرى الأورام الغليظة فِي اسْتِحْقَاق العلاج وَلذَلِك لَا يجب أَن يقدم على اسْتِعْمَال المحللات القوية قبل الاستفراغ لما علمت مِمَّا ذَكرْنَاهُ. وَقد ذكرنَا أَن الْقَيْء أَنْفَع من الإسهال لِأَن الإسهال يحرّك الْمَادَّة الرَّديئَة إِلَى جِهَة الوجع والقيء يحركها عَنهُ. وَمن الْجيد فِيهِ أَن يكون بالبورق والخل وَإِذا قيئوا بالمقيئات القوية الْمُحْتَاج إِلَيْهَا فِي أخلاطهم الْبَارِدَة الغليظة فَيجب أَن يتبع ذَلِك بالملطفة المسخنة وَقد يحْتَاج فِي البلغمي أَيْضا أَحْيَانًا بل مرَارًا كَثِيرَة إِلَى الفصد بعد الاستفراغ بِمَا ذكرنَا من المدرات والمشروبات النافعة لأوجاع المفاصل ودواء هرمس خَاصَّة وَهَذِه صفة دَوَاء عَجِيب جدا. يُؤْخَذ كمادريوس جنطيانا من كل وَاحِد تسع أَوَاقٍ زراوند مدحرج أوقيتان بزر السذاب الْيَابِس رَطْل يدق وينخل بمنخل صفيق ويعجن والشربة مِنْهُ ملعقة وَيسْتَعْمل أَيْضا الضمادات والنطولات المحللة ومياه الحمآت. فَإِن لم يغن فالحقن ثمَّ تسْتَعْمل المحاجم على الورك بِشَرْط وَبِغير شَرط وتوضع المحمرات والمنفطات وَلَا يدمل حَتَّى يعافى.

الصفحة 836