كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)

الله ومن أطاعني فقد أطاع الله فقالوا لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه ما يريد إلا أن تتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى (قال وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) أي اعطاكم من أمره وامتثاله فتمسكوا به (وَما نَهاكُمْ عَنْهُ) أي عن اتيانه (فَانْتَهُوا) [الحشر: 7] أي عنه لوجوب طاعته وامتثال متابعته (وقال: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ الآية) [النساء: 69] أي فالذين أطاعوهما يكونون مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصديقين المبالغين في التصديق والصدق والتحقيق من العلماء والأولياء والشهداء والصالحين أي القائمين بحقوق الله وحقوق خلقه الجامعين بين تعظيم أمره والشفقة على عباده ومن بيانية حال منه أو من ضميره وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً أي لأنهم في أعلى عليين ذلك الفضل من الله أي لا يجب عليه سبحانه وتعالى شيء وكفى بالله عليما أي بالمطيعين والعاصين (وَقَالَ وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ) [النساء: 64] أي بأمره وتيسيره (فجعل) أي الله (طاعة رسوله طاعته) أي طاعة نفسه بقوله مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ (وقرن طاعته بطاعته) أي في كثير من آياته (ووعد على ذلك) أي ما ذكر من الطاعة والإطاعة (بجزيل الثّواب) بقوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية (وأوعد على مخالفته بسوء العقاب) بقوله فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (وأوجب امتثال أمره واجتناب نهيه) بقوله تعالى وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (قال المفسّرون والأئمة) أي المجتهدون (طَاعَةُ الرَّسُولِ فِي الْتِزَامِ سُنَّتِهِ وَالتَّسْلِيمِ لِمَا جَاءَ بِهِ وَقَالُوا: مَا أَرْسَلَ اللَّهُ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا فَرَضَ طَاعَتَهُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إليهم) ونهاهم عن معصيته لقوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ أي الا ليطيعه من بعث اليهم بسبب إذنه لهم في طاعته أو بتوفيقه لمتابعته فمن لم يطعه في شريعته ولم يرض برسالته فهو كافر في ملته (وقالوا من يطع الرّسول في سنّته) الأولى سنته بصيغة الجمع ليلائم قوله (يطع الله في فرائضه) جواب الشرط والمعنى من يطع الرسول فيما أمر به ونهى عما لم يرد به القرآن الكريم يطع الله في فرائضه الثابتة في الفرقان العظيم لأن أمره ونهيه من أمره ونهيه لقوله تعالى: ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ولقوله عليه الصلاة والسلام لا ألفينّ أحدكم على اريكته يأتيه الأمر مما أمرت أو نهيت فَيَقُولُ لَا أَدْرِي مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ الله عملنا به فهذا نهي مؤكد منه صلى الله تعالى عليه وسلم لمن لم يعمل بسنته إذ العمل بها كالعمل بكتاب الله وشريعته (وسئل سهل بن عبد الله) أي التستري (عن شرائع الإسلام) أي جميعها (فقال وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) [الحشر: 7] أي تمسكوا به في أمره ونهيه (وقال السّمرقنديّ) أي الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى (يُقَالُ أَطِيعُوا اللَّهَ فِي فَرَائِضِهِ وَالرَّسُولَ فِي سنّته) أي في شريعته الشاملة لفريضته وسنته المستفادة من أحاديثه الواردة وفق طريقته (وقيل: أطيعوا الله تعالى فيما حرّم عليكم) والأول أبلغ لأن الفرض يشمل فعل الواجب المحتم وترك الفعل المحرم (والرّسول فيما بلّغكم) أي أوصلكم من أمره ونهيه ولو

الصفحة 13