كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)
الكلام (فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ الْكَلَامُ في مثل هذا) الكلام لئلا ينجر إلى ما يرد عليه من الملام (وقد كره السّلف) الكرام (الكلام في مثل هذا) المقام (مِمَّا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَكَيْفَ للعامّة) وفيه بحث لأن العلماء هم الذين يبينون مراتب الأنبياء وعلمهم كله عمل بل خير عمل كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم فالعلم إما فرض عين أو كفاية فهو أفضل من عبادة نافلة ولكون نفع هذا قاصرا أو نفع الأول متعديا وأما العامة فينبغي لهم السكوت عما لا يدرون.
فصل (واعلم أن من استخفّ بالقرآن)
أي بمبناه أو معناه أو بأهله الوارد في حقهم أن أهل القرآن أهل الله وخاصته (أو المصحف) بضم الميم وكسرها والأول أشهر وفي القاموس بتثليث الميم من أصحف بالضم إذا جعلت فيه الصحف انتهى ولعل الكسر على أنه آلة والفتح على أنه اسم مكان والضم على أنه مفعول وقد كفر الوليد بسبب إهانة المصحف فإنه روي أنه فتحه يوما وتفأل فوقع بصره على قوله تعالى وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ فأمر بالمصحف فنصب غرضا ورماه بالنبل حتى تمزق وأنشد:
أتوعد كل جبار عنيد ... فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقني الوليد
والوليد هذا هو الذي ورد فيه أنه فرعون هذه الأمة ونزلت آيات كثيرة في حقه من المذمة (أو بشيء منه) كورق أو لوح أو درهم مسطور فيه (أو سبّهما أو جحده) أي أنكر القرآن كله (أو حرفا منه) في القراآت السبع (أو آية) ولو كانت حرفا (أو كذّب به) أي بالقرآن جميعه (أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ كَذَّبَ بِشَيْءٍ مِمَّا صرّح به) أي بذلك الشيء (فيه) أي في القرآن (من حكم) كأمر ونهي (أو خبر) عن سابق أو لاحق (أَوْ أَثْبَتَ مَا نَفَاهُ أَوْ نَفَى مَا أثبته على علم منه بذلك) أي دون نسيان أو خطأ (أَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ كافر عند أهل العلم) قاطبة (بإجماع) لا خلاف فيه (قال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) أي بديع أو منيع (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ) أي الناسخ الذي يبطله أو يدفعه (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أي من قدامه (وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ) منزل (مِنْ حَكِيمٍ) أي ذي حكمة في أحكامه وأقواله (حَمِيدٍ [فصلت: 41- 42] ) محمود في ذاته وصفاته وأفعاله (حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ أَحْمَدَ رحمه الله حدّثنا أبو عليّ) الغساني (حدّثنا ابن عبد البرّ) حافظ الغرب (حدّثنا ابن عبد المؤمن) القرطبي (حدّثنا ابن داسة) راوي سنن أبي داود عنه (حدّثنا أبو داود) السجستاني صاحب السنن ومحدث العصر (حدّثنا أحمد بن حنبل) إمام أهل السنة (حدّثنا يزيد بن هارون) هو أبو خالد السلمي الواسطي أحد الاعلام (حدّثنا محمد بن عمرو) أي ابن علقمة بن وقاص الليثي يروي عن أبيه وعن أبي سلمة وطائفة وعنه شعبة ومالك ومحمد بن عبد الله الأنصاري وجماعة (عن
الصفحة 545
566