كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)

الموجع) لإصلاح العباد، (قال مالك رحمه الله تعالى من شتم النّبيّ) أي جنس الأنبياء (قتل ومن شتم أصحابه أدّب) أي جلد وضرب وقد تقدم الحديث بذلك (وقال) أي مالك (أَيْضًا مَنْ شَتَمَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ مُعَاوِيَةَ أَوْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ) وسقط أو عليا من أصل الدلجي فقال ولم يذكر المصنف عليا لأن محبيه كثيرون انتهى ولا يخفى أن الكثرة إنما هي بالنسبة إلى معاوية وعمرو بن العاص لا بالإضافة إلى من قبله فقد اختلفت المبتدعة في حب علي كالروافض وبغضه كالخوارج (فإن قال) شاتمهم (كانوا) أي الصحابة كلهم (على ضلال وكفر) عطف تفسير (قتل) لتكذيبه القرآن فيما اثنى الله عليهم لقوله تعالى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وحديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وحديث لو أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مد أحدهم ولا نصيفه أي نصفه (وإن شتمهم) أي كلهم أو بعضهم (بغير هذا) الذي ذكر (من مشاتمة النّاس نكّل) بصيغة المجهول مشددا ومخففا أي ردع وزجر وعوقب (نَكَالًا شَدِيدًا، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْ غَلَا) أي تجاوز عن الحد وتعدى (من الشّيعة) أو الخوارج (إلى بغض عثمان والبراءة منه) أي وإلى التبري من محبته (أدّب أدبا شديدا ومن زاد) أي إلى ذلك ما في نسخة أي ضم إليه (بُغْضِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَالْعُقُوبَةُ عَلَيْهِ أَشَدُّ) أي كمية وكيفية (ويكرّر ضربه) بقدر زيادة بغض صحبه عليه الصلاة والسلام وحزبه (ويطال سجنه) أي مدة حبسه (حتّى يموت ولا يبلغ به) أي فيه (الْقَتْلُ إِلَّا فِي سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) وإلا في إنكار صحبة أبي بكر وكذا في صحة خلافته المجمع عليهما ولا عبرة بمخالفة الشيعة فيهما وكذا إذا قيل له قل رضي الله تعالى عنهم فأبى فإنه كالإنكار لما في القرآن (وَقَالَ سُحْنُونٌ مَنْ كَفَّرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَوْ عُثْمَانَ أَوْ غَيْرَهُمَا) كمعاوية وعمرو بن العاص (يوجع) بصيغة المجهول مخففا أو مشددا (ضربا) بالنصب على التمييز وإنما خص عليا وعثمان بالذكر لأن الخوارج قالوا بتكفيرهما بناء على قواعدهم الفاسدة وأصولهم الكاسدة ولم يختلفوا في تعظيم الشيخين للإجماع على خلافتهما وعدم ما يقتضي هتك حرمتهما فمن كفرهما كفر خلافا للروافض ولا عبرة بقولهم المناقض بل التحقيق أن أصل مذهب الشيعة ليس تكفيرهما بل ينسبونهما إلى المخالفة في أمر الخلافة بناء على أنهم يفضلون عليا عليهما وإنما اللعن والتكفير صدر من غلاتهم ولعل هذا معنى ما روي من أن سب الشيخين كفر المفهوم منه أن سب غيرهما ليس كذلك لتفاوت رتبتهما هنالك وأما معاوية واتباعه فيجوز نسبتهم إلى الخطأ والبغي والخروج والفساد وأما لعنهم فلا يجوز أصلا بخلاف يزيد وابن زياد وأمثالهما فإن بعض العلماء جوزوا لعنهما بل الإمام أحمد بن حنبل قال بكفر يزيد لكن جمهور أهل السنة لا يجوزون لعنه حيث لم يثبت كفره عندهم وعلى التنزل فلعله مات تائبا ولهذا قالوا لا يجوز لعن كافر بعينه إلا إذا ثبت كفره وقوله عليه بدليل قطعي من كتاب أو سنة كفرعون وأبي لهب وأبي جهل وأمثالهم والله تعالى أعلم وبما قررنا اندفع اعتراض

الصفحة 552