كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)

نثني عليه بما يوافي نعمه ويكافي كرمه (على ما هدى) أي دلنا (إليه من جمعه وألهم) من عزمه (وفتح البصيرة) الباطني (لدرك) بسكون الراء وفتحها أي لادراك (حقائق ما أودعناه وفهّم) دقائق ما بيناه وعيناه مما يتعلق بمصطفاه، (ونستعيذه) أي نعوذ به ونلوذ (جلّ اسمه) كمسماه (من دعاء لا يسمع) أي لا يقبل (وعلم لا ينفع) أي غير نافع صاحبه (وعمل لا يرفع) أي لا يصعد بل يرد على وجه كاسبه وورد زيادة ونفس لا تشبع ومن هؤلاء الأربع إجمالا بعد تفصيل إكمالا (فهو الجواد) بفتح الجيم وتخفيف الواو وقد ورد في الحديث غير أني جواد ماجد أي صاحب الجواد والعظمة في مقام الشهود (الّذي لا يخيّب) بفتح الياء وتضم وكسر الخاء المعجمة وفي نسخة بضم الياء الأولى وتشديد الثانية أي لا يضيع ولا يخسر (من أمّله) بتشديد الميم أي قصده ورجاه (ولا ينتصر) على عدوه (من خذله) أي ترك نصرته ومنع حرمته (ولا يردّ دعوة القاصدين) لقوله تعالى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ والحديث أن الله ليستحي أن يرد يد عبده صفرا إذا رفعها إليه (ولا يصلح عمل المفسدين) لأمر الدين (وهو حسبنا) أي كافينا في كل قليل وجليل (ونعم الوكيل) أي الموكول إليه والمعتمد عليه وهي كلمة قالها إبراهيم الخليل لما ألقي في النار ومحمد الجليل وصحبه الجميل لما قيل إن الناس قد جمعوا لكم وروي أنه من خشي عدوه فليقل حسبي الله ونعم الوكيل وقيل لما ألقى يوسف عليه السلام في الجب قال حسبي الله ونعم الوكيل فعذب ماؤها بعد ما كان مالحا فهو سبحانه وتعالى حسبنا ونعم الوكيل ربنا ونعم الشفيع نبينا ونسأل الله دوام العافية وتوفيق تمام الطاعة وحسن الخاتمة والحمد لله أولا وآخرا وباطنا وظاهرا على جميع ما أنعم من النعم ما علمت منها وما لم أعلم والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ربنا توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين وأدخلنا الجنة آمنين برحمتك يا أرحم الراحمين آمين فرغ مرلفه رحم هو وسلفه أواسط رمضان المبارك عام أحد عشر بعد الألف من الهجرة النبوية إلى المدينة السكينة وذلك بمكة المكرمة الأمينة وأنا الفقير إلى ربه الباري علي ابن سلطان محمد القاري الحنفي عاملهما الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي ومن أحسن ما نظم في تحسين هذا الكتاب ما قاله بعض أولي الألباب من الأصحاب.
نظم
شفى داء النفوس لنا الشفاء ... أضاء النور منه والثناء
ونال محبه كل الأماني ... وزال به عن القلب الصداء
تلألأ نوره أبدا علينا ... ظلام الليل عاد لنا ضياء
جواهر نظمه درر وأبهى ... من الياقوت حقا لأمراء
حوى حكما وموعظة وحكما ... فصاحة من له شهدت ظباء
فصاحة خير رسل الله فيه ... ومدح الله فيه والثناء

الصفحة 558