كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)

قال جبرائيل عليه السلام (أخبرني عن الإسلام فقال) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كما في نسخة وفي نسخة قال: ( «أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأنّ محمّدا رسول الله» ) وهو الإقرار فعده من الإسلام وهو الانقياد الظاهري دال على أن الإيمان هو التصديق القلبي والانقياد الباطني (وذكر أركان الإسلام) أي بقية أركانه إذ الجملة خمسة كما ورد بني الإسلام على خمس حيث قال أن تشهد بالله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (ثمّ سأله) أي سأله جبرائيل (عن الإيمان فقال: أن تؤمن بالله) أي أن تصدق بحقيقة ذاته وحقيقة صفاته (وملائكته) أي بأنهم عباد مكرمون مطيعون معصومون لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة (وكتبه) أي بأنها منزلة من عنده (ورسله) أي بأنهم مبعوثون من الله تعالى إلى خلقه صادقون فيما جاؤوا به (الحديث) ؛ وتمامه واليوم الآخر أي وبأنه وما فيه كالبعث والحساب والثواب والعقاب حق وصدق وتؤمن بالقدر خيره وشره أي حلوه ومره والحديث بطوله مذكور في الأربعين وقد شرحناه في المبين المعين وهو حديث رواه الستة وغيرهم (فقد قرّر) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (أنّ الإيمان به) أي بالله سبحانه وتعالى وبما يجب الإيمان به من غيره (محتاج) وفي نسخة يحتاج (إلى العقد بالجنان) بفتح الجيم أي الاعتقاد الجازم بالقلب (والإسلام) أي وإن الإسلام (به) أي الانقياد الظاهري إليه وهو الإقرار به (مضطرّ إلى النّطق باللّسان) أي ليتم بالبيان فإن اللسان ترجمان الجنان (وهذه الحال) وفي نسخة الحالة (المحمودة التّامة) وفي نسخة هي المحمودة التامة أي عند الخاصة والعامة فإنه حينئذ نور على نور وسرور على سرور وجمع بين الظاهر والباطن فيصدق عليه أنه مؤمن مسلم إذ لا خلاف بين أهل السنة أنه حينئذ مؤمن وإن اختلفوا في كون الإقرار شطرا للإيمان أو شرطا لإجراء أحكام الإسلام فاندفع قول الدلجي رحمه الله تعالى إن هذا ذهاب منه إلى أن الإيمان اسم لفعل القلب واللسان وعليه بعض الأشعرية وغيرهم وإما قوله ووصفها بكونها تامة مؤذن بأن العقد بالجنان كاف وإن لم ينطق باللسان فهو مع كونه مناقضا لما سبق له من البيان مدفوع بالفرق الظاهر بين التمام والكمال كما لا يخفى على أرباب الحال لأن تمام الشيء يتوقف على حصول جميع اجزائه بخلاف كماله فإنه يتوقف على وجود ضيائه وبهائه وهو ههنا بأن يكتسب جميع الأوامر ويجتنب جميع الزواجر من الصغائر والكبائر والمعتزلة والخوارج جعلوا الأركان من أجزاء الإيمان والله المستعان هذا ويدل على ما قررنا ويشهد لما حررنا قوله: (وأمّا الحالة المذمومة) أي عند جميع الأمة المسلمة (فالشّهادة باللّسان دون تصديق القلب) أي من غير اعتقاد الجنان (وهذا) أي الاعتقاد المشتمل على الشقاق (هو النّفاق) أي الحقيقي وهو ابطان الكفر واظهار الإيمان وهذا كافر إذا علم حاله بالاتفاق (قال الله تعالى:) حال لازمة أي متعاليا عما لا يليق بذاته وصفاته (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ) أي توهيما منهم شهادة واطأت فيها قلوبهم ألسنتهم لا زعما منهم كما قاله

الصفحة 8