كتاب شرح الشفا (اسم الجزء: 2)

الدلجي رحمه الله لأنهم ما يزعمون ذلك حيث يعلمون حقيقة ما هنالك (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) أي كما ظهروه ولو كان مخالفا لما ابطنوه والجملة احتراس من نفي رسالته المتوهم من قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [المنافقون: 1] ) ولذا فسره المصنف بقوله: (أي كاذبون في قولهم) أي في دعواهم (ذلِكَ) أي كونك رسول الله صادرا (عن اعتقادهم وتصديقهم وهم لا يعتقدونه) أي والحال أنهم لا يعتقدون قولهم إنك لرسول الله (فلمّا لم يصدّق) أي لم يوافق (ذلك) أي قولهم وظواهرهم (ضميرهم) أي قلوبهم وبواطنهم وفي نسخة ضمائرهم وهو يحتمل الرفع والنصب (لم ينفعهم أن يقولوا) أي مجرد قولهم (بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) أي لاعتقادهم أن قولهم ذلك كذب وخبر على خلاف ما عليه خال المخبر عنه (فخرجوا عن اسم الإيمان) أي عن أن يسموا بما اشتق منه فلم يكونوا مؤمنين في الدنيا (ولم يكن لهم في الآخرة حكمه) أي حكم الإيمان فلا يحشرون مع المؤمنين (إذ لم يكن معهم) أي إيمان كما في نسخة (ولحقوا بالكافرين) وفي نسخة بالكفار (فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) بفتح الراء وسكونها أي الطبقة السفلى من دركاتها كما أن المخلصين من المؤمنين في أعلى أماكن الجنة وأرفع درجاتها (وبقي عليهم حكم الإسلام) أي بحسب ظواهر الأحكام فيعاملون كالمسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم (بإظهار شهادة اللّسان) أي بسبب اظهارها منهم وهذا (في أحكام الدّنيا المتعلّقة بالأئمّة) أي أئمة الدين من العلماء العاملين (وحكّام المسلمين) أي من القضاة والسلاطين (الذّين أحكامهم على الظّواهر) أي جارية وسارية (بما أظهروه من علامة الإسلام) أي من الإذعان والانقياد وقبول الأحكام وهذا كله بحسب الظواهر (إِذْ لَمْ يُجْعَلْ لِلْبَشَرِ سَبِيلٌ إِلَى السَّرَائِرِ ولا أمروا) أي الأئمة والحكام (بالبحث عنها) أي عن السرائر (بل نهى النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّحَكُّمِ عَلَيْهَا وَذَمَّ ذَلِكَ) أي التحكم هنالك (وقال) أي فيما رواه البخاري لأسامة بن زيد لما قتل من اضطره فأسلم اقتلته بعد أن أسلم فقال معتذرا إنما أسلم مكرها فقال: (هلا شققت عن قلبه) أي لم ما كشفت عن ضميره وهذا أمر تعجيز إذ لا اطلاع على قلب أحد إلا لربه وقيل هلا إذا دخل على المضارع يفيد الأمر كقولك هلا تضرب زيدا وإذا دخل على الماضي يفيد التوبيخ كقولك هلا ضربت زيدا والحديث في صحيح مسلم عن أسامة بن زيد قال بعثنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي عليه الصلاة والسلام فقال أقال لا إله إلا الله وقتلته قلت يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح فقال: هلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا الحديث والمعنى قالها عن قلبه أم لم يقل عن قلبه وأبعد الأنطاكي حيث قال الفاعل في قوله أقالها هو القلب (والفرق) وفي نسخة وللفرق (بين القول) أي باللسان (والعقد) أي بالجنان (ما جعل) بصيغة المفعول أو الفاعل وما مصدرية أي جعله أو موصولة أي الذي جعله النبي صلى الله تعالى

الصفحة 9