كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)
ومنعوه ممن أراد قتله، فأجابوه لذلك حتى كفارهم، فعلوا ذلك حمية على عادة الجاهلية.
فلما رأت قريش ذلك أجمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني المطلب: أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعون منهم شيئا، ولا يبتاعوات منهم، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل.
وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة -وقيل بغيض بن عامر- فشلت
__________
منزل بني هاشم غير مساكنهم ويعرف بشعب ابن يوسف كان لهاشم، فقسمه عبد المطلب بين بنيه حين ضعف بصره وصار للنبي صلى الله عليه وسلم فيه خط أبيه؛ كذا في المطالع، وتعقبه في النور: بأن عبد الله مات في حياة أبيه وما أظنهم كانوا يخالفون شرعنا، قال: ويحتمل أنه وصل إليه حصة أبيه بطريق آخر، انتهى.
قال شيخنا في تقريره بجوار أن عبد المطلب قسمه في حياته على أولاده في حياة عبد الله، فلما مات صار للمصطفى حظ أبيه وهو حسن، وإن كان شيخنا البابلي يتوقف فيه بأن القسم لم ينقل عن عبد المطلب في حياة عبد الله؛ لأنه احتمال يكفي في الجواب، يمكن أنهم جعلوا له بعد موت جده حصة أبيه أن لو كان حيا، فهو ابتداء عطية من أعمامه وهذا حسن جدا، وكل هذا على تسليم ظن البرهان أنهم لا يخالفون شرعنا ومن أين ذاك الظن؟
"ومنعوه ممن أراد قتله" لما سألهم أبو طالب "فأجابوا لذلك حتى كفارهم فعلوا ذلك حمية على عادة الجاهلية، فلما رأت قريش ذلك أجمعوا وائتمروا" تشاوروا في "أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني المطلب أن لا ينكحوا إليهم" بفتح حرف المضارعة، أي: لا يتزوجوا المضارعة، أي: لا يتزوجوا منهم فإلى بمعنى من "ولا ينكحوهم" بضمها لا يزوجوهم "ولا يبيعوا منهم شيئا ولا يبتاعوا، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا" زاد في العيون ولا تأخذهم بهم رأفة "حتى يسلموا" من أسلم أو سلم مثقلا "رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل" أي: يخلو بينه وبينهم، "وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة" كما ذكره ابن إسحاق قائلا: فشلت يده فيما يزعمون، وصدر به في الفتح، قال في النور: والظاهر هلاكه على كفره، "وقيل" بخط "بغيض" بموحدة ومعجمتين بينهما تحتية "ابن عامر" بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، قاله ابن سعد. "فشلت" بفتح الشين المعجمة واللام المشددة وضم الشين خطأ، أو قليل أو لغة ردية والشلل نقص في الكف وبطلان لعملها وليس معناه القطع؛ كما زعم بعضهم، قاله المصنف. وفي الفتح: يجوز ضمها في لغة، ذكر الجيلاني.
الصفحة 13
542