كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)

كذلك. ويبطل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] فإنه لا فرق في الفعل بين النقصان في الوحي والزيادة فيه.
فبهذه الوجوه، عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة. وقد قيل: إن هذه القصة من موضوع الزنادقة لا أصل لها. انتهى.
وليس كذلك. بل لها أصل.
فقد خرجها: ابن أبي حاتم، والطبري، وابن المنذر، من طرق عن شعبة عن ابن بشر، عن سعيد جبير.
__________
كذلك" أي: مما ألقاه الشيطان على لسانه، "ويبطل قوله تعالى" أي: فائدة قوله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] "، أي: فلم تكن عاملا بالآية؛ إذ العمل بها تبليغ ما أنزل إليه، فلو زاد انتفى التبليغ؛ "فإنه لا فرق في الفعل بين النقصان في الوحي والزيادة فيه، فبهذه الوجوه" النقلية والعقلية "عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة، وقد قيل: إن هذه القصة من موضوع الزنادقة لا اصل لها، انتهى". قال عياض: لا شك في إدخال بعض شياطين الإنس أو الجن هذا الحديث على بعض مغفلي المحدثين، ليلبس على ضعفاء المسلمين، انتهى.
"وليس كذلك بل لها أصل" قوي "فقد خرجها ابن أبي حاتم" الحافظ، أو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي، صاحب التصانيف الكثيرة الثقة، كان بحرا في العلوم ومعرفة الرجال وزاهدا يعد من الأبدال، توفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وقد ناهز التسعين، "والطبري" محمد بن جرير البغدادي عالم الدنيا "و" محمد بن إبراهيم "ابن المنذر" النيسابوري نزيل مكة صاحب التصانيف الحافظ كان غاية في معرفة الخلاف والدليل فقيها مجهدا لا يقلد أحدا مات سنة تسع أو عشر أو ست عشرة أو ثمان عشرة وثلاثمائة، "من طرق عن شعبة" بضم المعجمة وسكون المهملة، ابن الحجاج الواسطي ثم البصري أمير المؤمنين في الحديث كان من سادات زمانه حفظا وإتقانا وورعا وفضلا، قال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق، ولد سنة اثنتين وثمانين ومات بالبصرة سنة ستين ومائة. "عن أبي بشر" بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفر بن أبي وحشية بفتح الواو وسكون المهملة وكسر المعجمة وشد التحتية، اسمه إياس بالكسر وخفة التحتية، الواسطي الثقة من رجال الصحيح توفي سنة ربع أو خمس أو ست وعشرين ومائة، "عن سعيد بن جبير"، التابعي المشهور

الصفحة 19