كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)

قال: وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره، إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير، مع الشك الذي وقع في وصله.
"ثم رده من طريق النظر: بأن ذلك لو وقع لارتد كثير من أسلم. قال: ولم ينقل ذلك". انتهى.
وجميع ذلك لا يتمشى مع القواعد:
فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل على أن لها أصلا.
وقد ذكرنا أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح، وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمراسيل، وكذا من لا يحتج بها الاعتضاد.
وإذا تقرر ذلك: تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى. فإن..........
__________
"قال" ابن عياض "وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق" شعبة عن "أبي بشر عن سعيد بن جبير مع الشك الذي وقع في وصله" من سعيد، وهو قوله: عن ابن عباس فيما أحسب، قال: ولم يسنده عن شعبة إلا أمية بن خالد وغيره يرسله عن سعيد وإنما يعرف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، قال القاضي: وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لقوة ضعفه وكذبه كما أشار إليه البزار، انتهى كلامه في الشفاء.
قال شارحه: وفي قوله: لقوة ضعفه طباق بديع جدا فهذا رده من حيث الإسناد، "ثم رده" أي: عياض، "من طريق النظر" أي: الفكر الصادر عن عقل سليم مستقيم "بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم" أنهم إذا سمعوه مع قرب عهدهم بالإسلام اعتقدوا في الأصنام النفع فيميلون لها، "قال: ولم ينقل ذلك، انتهى".
قال الحافظ ابن ججر: "وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها" جمع مخرج، أي: محل خروجها "دل ذلك على أن لها أصلا" إذ يبعد اتفاق طوائف متباينين على ما لا أصل له، "وقد ذكرنا أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح" ولو لأحدهما وهي طريق ابن جبير وطريق أبي بكر بن عبد الرحمن وطريق أبي العالية، "وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمراسيل" لصحتها "وكذا من لا يحتج بها الاعتضاد" بعضها ببعض فحصلت لها القوة فقامت بها الحجة عند الفريقين "وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر، وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى، فإن

الصفحة 26