كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)

بقوله تعالى، حكاية عن الشيطان: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} الآية [إبراهيم: 22] ، قال: فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لأحد قوة على طاعة.
وقيل: إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتهم وصفوها بذلك، فعلق ذلك بحفظه صلى الله عليه وسلم فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا.
وقد رد ذل القاضي عياض فأجاد.
وقيل: لعله قال ذلك توبيخا للكفار.
قال القاضي عياض: وهذا جائز إذا كانت هناك قرينة تدل على المراد، ولا سيما وقد كان الكلام في ذلك الوقت في الصلاة جائز.
وإلى هذا نحا الباقلاني.
__________
تعالى حكاية عن الشيطان: {وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} [إبراهيم: 22] الآية، قال: فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لأحد قوة على طاعة" لأنه إذا قدر على إلجائه، وحاشاه من ذلك فما الناس بعده، فهذا الجواب أقبح من القصة. "وقيل: إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتهم وصفوها بذلك فعلق ذلك" بكسر اللام، أي: تعلق "بحفظه صلى الله عليه وسلم فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا، وقد رد ذلك القاضي عياض، فأجاد" حيث قال: هذا إنما يصح فيما لم يغير المعاني ويبدل الألفاظ، وزيادة ما ليس من القرآن؛ بل الجائز عليه السهو عن إسقاط آية منه أو كلمة، ولكنه لا يقر عليه بل ينبه عليه ويذكر به للحين، انتهى.
"وقيل: لعله" صلى الله عليه وسلم "قال ذلك توبيخا للكفار" كقول إبراهيم: هذا ربي على أحد التأويلات، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا بعد السكت، وبيان الفصل بين الكلامين ثم رجع إلى تلاوته، "قال القاضي عياض: وهذا جائز إذا كانت هناك قرينة تدل على المراد" مع بيان الفصل، وأنه ليس من المتلو "ولا سيما وقد كان الكلام في ذلك الوقت في الصلاة جائزا" لفظ عياض، ولا يعترض هذا بما روي أنه كان في الصلاة، فقد كان الكلام قبل فيها غير ممنوع.
"وإلى هذا نحا" مال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب "الباقلاني" البصري ثم البغدادي الملقب بشيخ السنة ولسان الأمة الأصولي الأشعري المالكي مجدد الدين على رأس المائة الرابعة على الصحيح؛ كما قال الزناتي في طبقات المالكية. وفي الديباج: انتهت إليه رئاسة المالكية في وقته، وكان حسن الفقه عيم الجدل، وكان له بجامع المنصور حلقة عظيمة،

الصفحة 28