كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشِّعْب أدركه أُبَيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد، لا نجوت إن نجا، فقالوا: يا رسول الله، يعطف عليه رجل منَّا؟ فقال -صلى الله عليه وسلم: "دعوه"، فلمَّا دنا تناول -عليه الصلاة والسلام- الحربة من الحارث بن الصمة، فلمَّا أخذها منه -عليه الصلاة والسلام- انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله -عليه الصلاة والسلام، فطعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طعنة
__________
قال في النور: أي صعد "رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الشِّعب"، وكأنَّ معناه: إنهم لما دخلوا به في الشعب صعدوا به في الصخرة، فاستندوا إلى جانب من الجبل، بدليل رواية ابن إسحاق: نهض -صلى الله عليه وسلم- إلى صخرة من الجبل ليعلوها، وكان قد بدن وظاهر بين درعين، فلمَّا ذهب لينهض لم يستطع، فجلس تحته طلحة بن عبيد الله، فنهض به، حتى استوى عليها، فقال كما حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده، عن الزبير بن العوام، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ: "أوجب طلحة حين صنع برسول الله ما صنع".
قال ابن هشام: وبلغني عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يبلغ الدرجة المبنية في الشِّعب.
قال البرهان: بدن -بفتح الدال المهملة المشددة أي: أسنّ، أو ثقل من السنّ، وأوجب طلحة.
قال اليعمري: يعني أحدث شيئًا يستوجب به الجنة.
"أدركه أُبَيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد لا نجوت إن نجا، فقالوا: يا رسول الله! "يعطف" فهو استفهام بتقدير الهمزة، وكأنها سقطت من قلم المصنف؛ إذ هي ثابتة في ابن إسحاق، "عليه رجل منا، فقال -صلى الله عليه سلم: "دعوه" , وعند ابن عقبة: عن سعيد بن المسيب، فاعترضه رجال من المؤمنين، فأمرهم -صلى الله عليه وسلم, فخلوا طريقه، واستقبله مصعب بن عمير يقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه، فقتل مصعب، "فلمَّا دنا تناول -عليه الصلاة والسلام- الحربة من الحارث بن الصمة", ويقال من الزبير، ويقال من طلحة، ويقال من سهل بن حنيف، "فلمَّا أخذها -عليه الصلاة والسلام- منه, انتفض بها انتفاضة تطايرنا،" وفي نسخة: تطايروا، أي: بعدنا، "عنه تطاير الشعراء" بشين معجمة، فعين مهملة ساكنة فراء، فألف تأنيث.
قال ابن هشام: ذباب صغير له لذع، "عن ظهر البعير إذا انتفض" البعير.
قال السهيلي: ورواه العتيبي: تطاير الشعر، أي: بضم الشين وسكون العين، وقال: هي جمع شعراء.
"ثم استقبله -عليه الصلاة والسلام، فطعنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم طعنة" في عنقه، وفي لفظ: في

الصفحة 436