كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)
ومحق بذلك الكافرين.
__________
"ومحق بذلك الكافرين" كما قال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِين} الآية. أي: يهلك الكافرين الذين حاربوا يوم أحد ولم يسلموا؛ لأنه تعالى لم يمحق كل كافر، بل بقي منهم كثير على كفرهم. والمعنى: إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص، وإن كان على الكافرين فلمحقهم ومحو آثارهم.
ومنها: أن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- إذا أصيبوا ببعض العوارض الدنيوية من الجراحات والآلام والأسقام تعظيمًا لأجرهم, تأسَّى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره والعاقبة للمتقين.
قال ابن إسحاق: أنزل الله في شأن أُحد ستين آية من آل عمران.
وروى ابن أبي حاتم وأبو يعلى من طريق المسْوَر بن مخْرَمَة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: أخبرني عن قصتكم يوم أُحد؟ قال: اقرأ العشرين ومائة من آل عمران تجدها، {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} إلى قوله: {أَمَنَةً نُعَاسًا} . قال: ألقى عليهم النوم، والله أعلم.
"غزوة حمراء الأسد":
وهي على ثمانية أميال من المدينة, على يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة.
وكانت صبيحة يوم الأحد لست عشرة، أو لثمان خلون من شوال, على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة لطلب عدوهم بالأمس،
__________
غزوة حمراء الأسد:
بالحاء المهملة والمد. قال أبو عبيد البكري: تأنيث أحمر مضافة إلى أسد، "وهي" أنَّثه لكونه اسمًا للبقعة أو نظرًا للفظ حمراء، وإلّا ففي النور اسم مكان، والقاموس موضع، "على ثمانية أميال", وقيل: عشرة كما في الخميس، "من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت" أيها الذاهب من المدينة "ذا الحليفة", تكون عن يسارك، "وكان صبيحة يوم أحد" وهو يوم السبت، فهذه الغزوة يوم الأحد "ليست عشرة ليلة مضت" عند ابن إسحاق, "أو لثمانٍ خَلَوْنَ" عند ابن سعد، "من شوال على رأس اثنين وثلاثين شهرًا من الهجرة".
قال اليعمري: والخلاف عندهم كما سبق في أُحد، "لطلب عدوهم" مصدر مضاف لمفعوله، أي: الذين عادوهم "بالأمس" أي: اليوم الذي قبل يوم خروجهم؛ لأنه كما ذكر الواقدي، باتت وجوه الأنصار على بابه -صلى الله عليه وسلم خوفًا من كرة العدوّ، فلمَّا طلع الفجر وأذَّن بلال بالصلاة، وجاء عبد الله ابن عمرو المزني, فأخبره -صلى الله عليه وسلم- أنه قد أقبل من أهله, حتى إذا كان بملل بميم