كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 2)
وعن ابن دحية: يكون إن شاء الله تعالى يوم الاثنين، ليوافق المولد والمبعث والهجرة والوفاة، فإن هذه أطوار الانتقالات: وجودا ونبوة ومعراجا وهجرة ووفاة.
وستأتي إن شاء الله تعالى قصة الإسراء والمعراج وما فيهما من المباحث والله الموفق والمعين.
__________
"وعن ابن دحية" الحافظ أبي الخطاب عمر بفتح الدال وكسرها نسبة إلى جده الأعلى دحية بن خليفة الكلبي الصحابي؛ لأنه كان يقول إنه من ولده، "يكون إن شاء الله تعالى يوم الاثنين ليوافق المولد والمبعث والهجرة والوفاة، فإن هذه أطوار الانتقالات وجودا ونبوة ومعراجا وهجرة ووفاة" لكن في عده المعراج شيء؛ لأنه محل النزاع فكيف يستدل به؟ وحاصله؛ كما قال الشامي أنه استنبطه بمقدمات حساب من تاريخ الهجرة وحاول موافقته لتلك الأطوار، وقال: يكون الاثنين في حقه كالجمعة لآدم، "وستأتي إن شاء الله تعالى قصة الإسراء والمعراج وما فيهما من المباحث" في المقصد الخامس، وإنما ذكر هنا زمن وقوعه مراعاة لالتزامه ترتيب الوقائع، "والله الموفق" للخير "والمعين" عليه لا غيره.
ذكر عرض المصطفى نفسه على القبائل ووفود الأنصار:
ولما أراد الله تعالى إظهار دينه وإعزاز نبيه، وإنجاز موعده له، خرج -صلى الله عليه وسلم- في الموسم الذي لقي فيه الأنصار -الأوس والخزرج.
__________
ذكر عرض المصطفى نفسه على القبائل ووفود الأنصار:
"ولما أراد الله تعالى إظهار دينه" انتشاره بين الناس ودخولهم فيه، "وإعزاز نبيه" تصييره عزيزا معظما عند جميع الناس، ومنع من يريده بسوء بعدما لقي من قومه، "وإنجاز موعده" تعالى "له" صلى الله عليه وسلم، أي: نصره على أعدائه، فهو تفسير لما قبله، وقد قال تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 32، 33] ، وفي الصحيح: "إن الله روى ليس الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما روى لي منها".
"خرج صلى الله عليه وسلم في الموسم" وكان في رجب كما في حديث جابر عند أصحاب السنن "الذي لقي فيه الأنصار" جمع ناصر كأصحاب وصاحب على تقدير حذف ألف ناصر لزيادتها، فهو ثلاثي يجمع على أفعال قياسا، ويقال: جمع نصير كشريف وأشراف على القياس وجمعوا جمع قلة وإن كانوا ألوفا؛ لأن جمع القلة والكثرة إنما يعبتران في نكرات الجموع.