المتكلّم. وقد أجاز غيرُه من النحويين تقديمَ الضمير الأبعد على الأقرب قياسًا، وهو رأيُ أبي العبّاس محمّد بن يزيد، وكان يُسوِّي بين الغائب والمخاطب والمتكلّم في التقديم والتأخير، ويُجيز "أعطاهُوكَ"، و"أعطاهُوني". و"أعطاكَنِي". ويستجِيدُه، ولم يَرْضَ سيبويه مَقالتَهم وقال (¬1): هو شيءٌ قاسُوه ولم يتكلّم به العربُ، فاعرفه.
[توالي ضميرين ثانيهما منفصل]
قال صاحب الكتاب: وإذا انفصل الثاني لم تراع هذا الترتيب، فقلت: "أعطاه إياك" و"أعطاك إياي" وقد جاء في الغائبين أعطاهاه وأعطاهوها ومنه قوله [من الطويل]:
457 - وقد جعلت نفسي تطيب لضغمةٍ ... لضغمهماها يقرع العظم نابها
وهو قليل, والكثير: "أعطاها إياه"، و"أعطاه إياها"، والاختيار في ضمير خبر كان وأخواتها الانفصال, كقوله [من الطويل]:
458 - لئن كان إياه لقد حال بعدنا ... [عن العهد والإنسان قد يتغير]
¬__________
(¬1) الكتاب 2/ 364.
457 - التخريج: البيت لمغلس بن لقيط في تخليص الشواهد ص 94؛ وخزانة الأدب 5/ 301، 303، 305؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 75؛ والمقاصد النحوية 1/ 333؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص 381؛ ولسان العرب 12/ 357 (ضغم).
اللغة: جعلت (هنا): بمعنى شرعت، والضغمة: العضة، والمقصود هنا الشدة.
المعنى: طابت نفسي في مصيبة هذين الرجلين، بسبب شدة ألمّت بهما بلغت عظمهما بفتكها.
الإعراب: "وقد": الواو: استئنافية، و"قد": حرف تحقيق. "جعلت": فعل ماضٍ ناقص، والتاء: للتأنيث. "نفسي": اسم "جعلت" مرفوع بالضمّة المقدّرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالحركة المناسبة للياء، وهو مضاف، والياء ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "تطيبُ": فعل مضارع مرفوع بالضمة، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هي. "لضغمة": جار ومجرور متعلقان بـ "تطيب". "لضغمهماها": جار ومجرور متعلقان بـ "يقرع"، و"هما": مضاف إليه لفظًا محله الجر، ومفعول به معنًى، وذلك من إضافة المصدر إلى المفعول، والفاعل محذوف، والمعنى: "لضغمهما إياها" وعلى ذلك فإنّ "ها" في "لضغمهماها": في محل نصب على المفعولية المطلقة كالهاء في قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ} [الأعراف: 123]."يقرعُ": فعل مضارع مرفوع بالضمة. "العظم": مفعول به مقدم منصوب بالفتحة. "نابُها": فاعل مؤخر مرفوع بالضمة، و"ها": مضاف إليه محلُّه الجر.
وجملة "جعلت نفسي تطيب": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تطيب": خبر "جعل" محلها النصب. وجملة "يقرع العظم نابُها": صفة لـ "ضغمةٍ" محلُّها الجر.
والشاهد فيه: أن الضمير الثاني إذا كان مساويًا للأول شذّ وصله كما هنا، فإنه جمع بين ضميري الغيبة في الاتصال، وكان القياس: لضغمهما إيّاها.
458 - التخريج: البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص 94؛ وتخليص الشواهد ص 93؛ وخزانة الأدب 5/ 312، 313؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ والمقاصد النحويّة 1/ 314؛ وبلا نسبة في شرح =