كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 2)
التمييز
قال صاحب الكتاب: "ويقال له: التبيين، والتفسير، وهو رفعُ الإبهام في جملة، أو مفرد، بالنصّ على أحدِ محتملاته، فمِثالُه في الجملة: "طابَ زيدٌ نفسًا"، و"تَصبّبَ عَرَقًا، وتَفقّأَ شَحْمّا" و [من المتقارب]:
292 - [تقولُ ابْنَتى حينَ جَدَّ الرَّحيلُ ... فَأَبْرَحْتَ رَبَّا] وأبْرَحْتَ جارَا
و"امتلأ الإناءُ ماءَ" وفي التنزيل: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} (¬1) {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} (¬2) {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا} (¬3)، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (¬4) ومثالُه في المفرد "عندي راقودٌ (¬5) خَلاًّ ورَطلُ زَيْتًا، ومَنَوان عَسلًا، وقَفِيزان بُرًّا، وعشرون درهمًا، وئلاثون ثَوْبًا، ومِلْءُ الإناء عَسَلاَ، و"على التَّمْرة مِثْلُها زُبْدًا"، و"ما في السماء موضعُ كَفَّ سَحابًا".
¬__________
292 - التخريج: البيت للأعشى في ديوانه ص 99, وجمهرة اللغة ص 56, 275؛ وخزانة الأدب 3/ 302، 305، 306 , وسمط اللآلي ص 388, وشرح التصريح 1/ 399, وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ص 1263, ولسان العرب 2/ 411 (برح) , ونوادر أبي زيد ص 55, وبلا نسبه في أمالي ابن الحاجب 1/ 367، 404 , والفاخر ص 280.
اللغة: جدّ الرحيل: تحقّق. أبرح: عظم. الربّ: هنا الملك الذي يقصده.
المعنى: تقول ابنة الشاعر لأبيها الذي ارتحل إلى ممدوحه: ما أعظم هذا الملك الذي تقصده، فإنه سينسيك المشقة والعذاب بكثير رفده وعطائه.
الإعراب: "تقول": فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر فيه تقديره: هي. "ابنتى": فاعل مرفوع، والياء: مضاف إليه. "حين": ظرف زمان منصوب متعلّق بـ "تقول"، وهو مضاف. "جدّ": فعل ماضى. "الرحيل": فاعل مرفوع. "فأبرحت": الفاء: زائدة, "أبرحت": فعل ماض، والتاء: ضمير في محلّ رفع فاعل. "ربًا": تمييز منصوب. "وأبرحت جارًا": معطوفة على "أبرحت ربا" وتعرب إعرابها.
وجملة "تقول ابنتي": ابتدائيّة لا محل لها من الإعراب. وجملة "جدّ الرحيل": في محلّ جرّ بالإضافة. وجملة "أبرحت رباً": في محلّ نصب مفعول به. وجملة "أبرحت جارًا": معطوفة على جملة "أبرحت ربًّا".
والشاهد فيه قوله: "جارًا" حيث نصبه على التمييز للنوع.
(¬1) مريم: 4.
(¬2) القمر: 12.
(¬3) فصلت: 33.
(¬4) النساء: 87.
(¬5) الراقود: دنّ طويل الأسفل كهيئة الإردبَّة يُسَيَّغ داخله بالقار. (لسان العرب 3/ 183 (رقد)).
الصفحة 35