الواحدُ مبنيّا، كأنّ ذلك لئلا يختلف طريقُهما. ولمّا بعُدت المضمراتُ من المتمكنة، وتَوغلتْ في شَبَهِ الحروف، صاغوا لها أسماء للتثنية على غير منهاجِ تثنيةِ المتمكّنة تمييزًا لما قارب المتمكنة على ما لم يُقارِبها، وبُعد عنها.
فأمّا قول صاحب الكتاب: "ويجيء ذَانِ" فيهما في بعض اللغات"، فإن المراد بذلك أنّه يكون في حالِ الرفع والنصب والجرّ بالألف، فتقول: "جاءني ذان"، و"رأيت ذان"، و"مررت بذان". وليس ذلك ممّا يختص بأسماء الإشارة، بل يكون في جميع الأسماء المثناة، نحو قولك: "جاءني الزيدان"، و"رأيت الزيدان"، و"مررت بالزيدان"، وهي لغةٌ لبني الحارث وبُطون من رَبِيعَةَ، فمن ذلك قوله [من الطويل]:
473 - تَزَوَّدَ مِنا بَيْنَ أُذْناهُ طَعْنَة ... دَعَتهُ إلى هابِي التُرابِ عَقِيمِ
وقال الآخر [من الطويل]:
474 - فأَطْرَقَ إطراقَ الشُجاع ولو يَرَى ... مَساغًا لِناباهُ الشُجاعُ لَصمَّمَا
¬__________
473 - التخريج: البيت لهوبر الحارثي في لسان العرب 8/ 197 (صرع)، 14/ 434 (شظى)، 15/ 351 (هبا)؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 707؛ وخزانة الأدب 7/ 453؛ والدرر 1/ 116؛ وسرّ صناعة الإعراب 2/ 704؛ والصاحبي في فقه اللغة ص 49؛ وهمع الهوامع 1/ 40.
اللغة والمعنى: هابي التراب: ما ارتفع ودق. العقيم: التي لا تُثنى, لأنها نافذة. يصف الشاعر رجلاً قتله قوم الشاعر بطعنة نافذة أصابت منه مقتلًا.
الإعراب: "تزود": فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. "منا": جار ومجرور متعلقان بـ "تزود". "بينَ": ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف حال من "طعنة"، وهو مضاف. "أذناه": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذّر. (ويروى: "أذنيه" على الأصل)، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبنيّ في محل جر بالإضافة. "طعنة": مفعول به منصوب بالفتحة. "دعته": فعل ماض، والتاء للتأنيث، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، والهاء ضمير منفصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به، "إلى": حرف جرّ. "هابي": اسم مجرور، والجار والمجرور متعلقان بـ "دعته"، و"هابي" مضاف. "التراب": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "عقيم": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هي وقد جرّها الشاعر مُراعاة للقافية. وجملة "تزوّد" ابتدائية لا محل لها من الإعراب؛ وجملة "دعته" في محلّ نصب صفة لـ"طعنة"، وكذلك جملة "هي عقيم".
والشاهد فيه قوله: "بين أذناه" حيث استعمل المثنى بالألف في حالة الجر، وذلك على لغة بلحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد، وكنانة، وغيرهم، الذين يستعملون المثنى بالألف في جميع حالاته ويروى "بين أذنيه"، ولا شاهد في هذه الرواية.
474 - التخريج: البيت للمتلمس في ديوانه ص 34؛ والحيوان 4/ 263؛ وخزانة الأدب 7/ 487؛ والمؤتلف والمختلف ص 71؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص 757؛ وسرّ صناعة الإعراب 2/ 704.
اللغة: أطرق: نكس رأسه وسكت عن الكلام. الشجاع: الحيّة العظيمة. المساغ: المكان السهل، وهو اسم مكان من "ساغ" إذا دخل ونفذ. صمّم: عضّ.
المعنى: نكس رأسه إلى الأرض صامتًا كما تفعل الحية العظيمة التي تثب على الفارس لتعضّه كلّما =