كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 2)
"أيينَ؟ " وإذا قال: "جاءتْني امرأة"، قلت: "أيةٌ؟ " وإذا قال: "امرأتان"، أو"امرأتَيْنِ"، قلت: "أيتَانِ؟ " أو"أيتَيْنِ؟ " وإن قال: "جاءني نساءٌ"، قلت: "أيَّاتٌ؟ " وكان ذلك أخصرَ وأوجزَ من أن يأتوا بزيادةِ الألف واللام والجملةِ بأسرها مع حصولِ المقصود بدُونها.
وربما وقع عند ظهور الخبر بالألف واللام في الخبر لبسٌ بأن المذكور معهود غيرُ الأوّل. قال أبو العبّاس المبرد: لو ذكرتَ الخبر، وأظهرتَه، لم تكن "أيٌّ" إلَّا مرفوعة، نحوَ قولك: "أي مَن ذكرتَ؟ " أو"أي هؤلاء؟ " ولم تحسن الحكايةُ؛ لأنّ الخبر إذا ظهر، عُلم أن المتقدِّم مبتدأ، فقبُح مخالَفةُ ما يقتضيه إعرابُ المبتدأ. ألا ترى أنّهم قد أجازوا الحكايةَ بـ "مَنْ" في العَلَم، فقالوا في جواب من قال: "رأيت زيدًا": "مَن زيدًا؟ " لعدمِ ظهور الإعراب في "مَنْ". ولم يفعلوا ذلك مَع "أي"، لظهور الإعراب فيها، فاستقبحوا مخالَفةَ ما يقتضيه ظاهرُ اللفظ، وكذلك ورد عنهم: "إِنّهم أجمعون ذاهبون"، برفعِ "أجمعين" على الموضع، لما لم يظهر في المكنِي الإعرابُ، ولم يُجيزوا: "إنّ القومَ أجمعون ذاهبون" على الموضع، لظهور الإعراب في "القوم".
واعلم أنّ "أيا" لما كانت مخالِفةَ لـ"مَنْ" من جهةِ أنّ "أيا" معربةٌ، و"مَنْ" مبنيّة، كان ما يلحق "أيا" إعرابًا يثبت وصلًا، ويُحذَف وقفًا، ويُبدَل في الوقف من تنوينه في النصب ألفٌ. ولمّا كانت "مَنْ" مبنيّةٌ، لم يكن ما يلحقها إعرابًا، وإنّما هو علاماتٌ ودلالاتٌ على المسؤول عنه، ولذلك كان بابُه الوقفَ، ويُحذف في الوصل، فاعرفه.
* * *
قال صاحب الكتاب: ومحله الرفع على الإبتداء في هذه الأحوال كلها وما في لفظه من الرفع والنصب والجر حكاية وكذلك قولك: "من زيدٌ؟ " و"من زيداً؟ " و"من زيدٍ؟ " "من" والاسم بعده مرفوعًا المحل, مبتدأ وخبراً. ويجوز إفراده على كل حال, وأن يقال: "أياً؟ " لمن قال: "رأيت رجلين" أو"أمرأتين" أو "رجالاً" أو "نساءً"، ويقال في المعرفة إذا قال: "رأيت عبد الله", "أي عبد الله؟ " لا غير.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّك إذا حكيت، وقلت "أيا؟ " في جواب "رأيتُ رجلًا"، فـ "أيا" في محل مرفوع بالابتداء، والخبرُ محذوف، والتقديرُ: إلا مَن ذَكرتَ؟ أو أيا المذكور؟ ويجوز أن يكون خبرَ ابتداء، والمحذوفُ هو المبتدأ، والنصبُ في لفظه على حكايةِ إعرابِ الاسم المتقدّم.
كما أنّك إذا حكيتَ بـ "مَنْ" عن العَلَم، فقلت في جوابِ من قال: "رأيت زيدًا": "مَن زيدًا؟ " يكون "زيدًا" في موضعِ رفع بأنّه خبرُ المبتدأ، وإن كان منصوبًا على الحكاية. كذلك إذا قلت: "أيا؟ " كان في موضعِ مرفوع، وإن كان منصوبًا في اللفظ على الحكاية، وكذلك الجرُّ إذا قلت: "أي؟ " في جوابِ "مررت برجلٍ" في موضعِ رفع
الصفحة 428
440