كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 2)

وأمّا قولهم: "رأيتُ زيدًا مُصْعِدًا منحدِرًا"، و"رأيتُ زيدًا ماشيًا راكبًا" إذا كان أحدُهما مصعدًا والآخر، راكبًا، فالمراد أن تكون أنت المصعدَ، وزيدٌ المنحدرَ، فيكون "مصعدًا" حالًا للتاء، و"منحدرًا" حالًا لزيد، وكيف قدّرتَ بعد أن يعلم المخاطَبُ المصعدَ من المنحدر، فإنّه لا بأسَ عليك بتقدُّمِ أيِّ الحالَيْن شئتَ.
واعلم أنّه قد يكون للإنسان الواحدِ حالان فصاعدًا، لأنّ الحال خبرٌ، والمبتدأُ قد يكون له خبران فصاعدًا، فتقول: "هذا زيدٌ واقفًا ضاحكًا متحدِّثًا". ولا يجوز ذلك إن تَضادَّت الأحوالُ، نحوَ: "هذا زيدٌ قائمًا قاعدًا"، كما لا يجوز مثلُ "هذا زيدٌ قائمٌ قاعدٌ". فإن أردتَ أن تسبِك من الحالَيْن حالًا واحدةً، جاز، كما يجوز أن تسبك من الخبرَيْن خبرًا واحدًا، فتقول: "هذا الطَّعامُ حُلْوًا حامِضًا"، كأنّك أردتَ: هذا الطعامُ مُزَّا، فسبكتَ من الحالَيْن معنًى، كما تقول في الخبر: "هذا حُلْوٌ حامضٌ".

فصل [عامل الحال]
قال صاحب الكتاب: "والعامل فيها إما فعل وشبهه من الصفات, أو معنى فعل,
¬__________
= وسر صناعة الإعراب 2/ 678؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 244، 245؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 793؛ والكتاب 3/ 510؛ ولسان العرب 1/ 759 (نصب)، 2/ 473 (سبح)، 13/ 429 (نون)؛ واللمع ص 273؛ والمقاصد النحوية 4/ 340؛ والمقتضب 3/ 12؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 657؛ وأوضح المسالك 4/ 113؛ وجمهرة اللغة ص 857؛ وجواهر الأدب ص 57، 108؛ ورصف المباني ص 32، 334؛ والممتع في التصريف 1/ 40؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
المعنى: ولا تذبح القرابين للأنصاب، واعبد الله وحده، ولا تعبد الأوثان.
الإعراب: "وذا": الواو حرف عطف، و"ذا": اسم إشارة مبنيّ على السكون في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف. "النصب": بدل منصوب بالفتحة. "المنصوب": نصب منصوب بالفتحة. "لا": حرف نهي وجزم. "تنسكنّه": فعل مضارع مبنيّ على الفتح لاتصاله بنون التوكيد، والنون للتوكيد، وهو في محل جزم، و"الهاء": ضمير متّصل مبني في محلّ نصب مفعول به، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. "ولا": الواو حرف عطف، و"لا": حرف نهي وجزم. "تعبد": فعل مضارع مجزوم بالسكون، وحرّك بالكسر منعًا من التقاء الساكنين، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت. "الشيطان": مفعول به منصوب بالفتحة. "والله": الواو حرف عطف، و"الله": اسم الجلالة مفعول به مقدّم منصوب بالفتحة. "فاعبدا": الفاء زائدة، و"اعبدا": فعل أمر مبنيّ على الفتحة لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا مراعاة للرويّ. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره: أنت.
وجملة الفعل المحذوف معطوفة لا محلّ لها من الإعراب، وجملة "لا تنسكنه" لا محل لها من الإعراب لأنّها تفسيريّة، وجملة "ولا تعبد الأوثان" معطوفة لا محل لها من الإعراب، وكذلك جملة "والله فاعبدا".
والشاهد فيه قوله: "فاعبدا" حيث أبدل النون الخفيفة ألفًا في الوقف.

الصفحة 6