كتاب شرح المفصل لابن يعيش (اسم الجزء: 2)

يروى مجروراً ومرفوعاً وقد روي فيه النصب".
* * *
قال الشارح: "لا سِيَّمَا" كلمةٌ يُستثنى بها، وقع بعدها المرفوعُ والمخفوضُ، فَمن خفض جعل "ما" زائدةً مؤكّدةً، وخفض ما بعدها بإضافةِ الـ"سيّ" إليه، كأنّه قال: "ولا سِىّ زيدٍ"، أي: ولا مثلَ زيدٍ. ومَن رفع جعل "مَا" بمعنَى "الَّذِي"، ورفع ما بعدها على أنه خبرُ مبتدأ محذوفٍ، والمعنى: سِىَّ الذي هو زيدٌ، و"هو" العائدُ إلى "الذي". ومثلُه قوله تعالى: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬1) برفع "أحسن" على تقدير: الذي هو أحسنُ، وكقِراءةِ مَن قرأ {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} (¬2)، وهو قَبيحٌ جدَّا لحَذفٍ ما ليس بفضلةٍ، و"السَّيٌّ" منصوبْ بـ "لاَ"، وليس بمبنى لأنّه مضافٌ إلى ما بعده، ولا يُبْنَى ما هو مضافٌ, لأنّ المبنيّ مشابِةٌ للحروف، ولا يصحّ إضافةُ الحروف، مع أنّ فيه جَعْلَ ثلاثةِ أشياءَ بمنزلةِ شيء واحد، وذلك إجحافٌ، والسَّيُّ: المِثْلُ. قال الحُطَيْئَةُ [من الوافر]:
308 - فإيّاكم وحَيَّةَ بَطْنِ وادٍ ... هَمُوزَ النابِ ليس لكم بسِيّ
¬__________
=
3/ 444، 451؛ والدرر 3/ 183؛ وشرح شواهد المغني 1/ 412، 2/ 558؛ والصاحبي في فقه اللغة ص 155؛ ولسان العرب 14/ 411 (سوا)؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص 193؛ وشرح الأشموني 1/ 241؛ وهمع الهوامع 1/ 234.
اللغة: دارة جلجل: موضع فيه غدير ماء.
المعنى: ربَّ يوم فزتُ فيه بوصال النساء، وظفرتُ بعيش صالح ناعم منهنّ، ولاسيّما يوم من تلك الأيام مثل دارة جلجل، يريد أنّ ذلك اليوم كان أحسن الأيَام.
الإعراب: "ألا": حرف استفتاح. "رب": حرف جرّ شبيه بالزائد. "يوم": اسم مجرور لفظًا، مرفوع محلًا على أنّه مبتدأ. "لك": جار ومجرور متعلقان بخبر "يوم" "منهن": جار ومجرور متعلقان بـ "صالح". "صالح": نعت "يوم" مجرور بالكسرة."ولا سيَّما": الواو: اعتراضية، و"لا": نافية للجنس. "سيَّما":"سي": اسم "لا" منصوب بالفتحة، وخبرها محذوف, و"ما": اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. "يوم": بدل من "ما" مجرور بالكسرة. "بدارة": جار ومجرور متعلقان بصفة محذوفة لـ "يوم" وهو مضاف. "جلجل": مضاف إليه مجرور بالكسرة.
وجملة "ألا ربّ يوم لكل منهنّ صالح": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "لا سيّما": اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "ولا سيَّما يوم" حيث يجوز في "يوم" الجر والرفع. ويعرب "يوم" في حالة الرفع، خبرأ لمبتدأ محذوف. ويجوز إعرابه مضافًا إليه باعتبار"ما" زائدة. وفي "يوم" وجه ثالث هو النصب باعتباره تمييزًا.
(¬1) الأنعام: 154.
(¬2) البقرة: 26. وهذه قراءة قطرب ورؤبة بن العجاج وغيرهما. انظر: البحر المحيط 1/ 123؛ وتفسير القرطبي 1/ 243؛ والمحتسب 1/ 64؛ ومعجم القراءات القرآنية 1/ 39.
308 - التخريج: البيت للحطيئة في ديوانه ص 139؛ وجمهرة اللغة ص 1310؛ وخزانة الأدب 5/ 86، =

الصفحة 65