كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 2)
هو القادر المهيمن الحافظ العهد والفضل لمحبيه وحافظي وصاياه لألف جيل.
وذكر أبو الحسن عليّ بن الحسين المسعوديّ في كتاب أخبار الزمان عن الأوائل:
أنهم قالوا: كان في الأرض ثمان وعشرون ذات أرواح وأيد وبطش وصور مختلفات بعدد منازل القمر لكل منزلة أمّة منفردة تعرف بها تلك الأمّة، ويزعمون أن تلك الأمم كانت الكواكب الثابتة تدبرها، وكانوا يعبدونها، ويقال: لما خلق الله تعالى البروج الاثني عشر قسم دوامها في سلطانها، فجعل للحمل اثني عشر ألف عام، وللثور أحد عشر ألف عام، وللجوزاء عشرة آلاف عام، وللسرطان تسعة آلاف عام، وللأسد ثمانية آلاف عام، وللسنبلة سبعة آلاف عام، وللميزان ستة آلاف عام، وللعقرب خمسة آلاف عام، وللقوس أربعة آلاف عام، وللجدي ثلاثة آلاف عام، وللدلو ألفي عام، وللحوت ألف عام، فصار الجميع ثمانية وسبعين ألف عام، فلم يكن في عالم الحمل والثور والجوزاء حيوان، وذلك ثلاثة وثلاثون ألف عام، فلما كان عالم السرطان تكوّنت دواب الماء وهوامّ الأرض.
فلما كان عالم الأسد تكوّنت ذوات الأربع من الوحش والبهائم، وذلك بعد تسعة آلاف عام من خلق دواب الماء والهوام، فلما كان عالم السنبلة، تكوّن الإنسانان الأوّلان، وهما:
أدمانوس، وحنوانواس، وذلك لتمام سبعة عشر ألف عام لخلق دواب الماء، وهوامّ الأرض ولتمام ثمانية آلاف عام من خلق ذوات الأرض، وخلقت الأرض في عالم الميزان، ويقال:
بل خلقت الأرض أوّلا، وأقامت خالية ثلاثة وثلاثين ألف عام ليس فيها حيوان ولا عالم روحانيّ، ثم خلق الله تعالى هوامّ الماء، ودواب الأرض، وما بعد ذلك على ما تقدّم ذكره، فلما تمّ أربعة وعشرون ألف عام لخلق دواب الماء وهوامّ الأرض، ولتمام خمسة عشر ألف عام من خلق ذوات الأربع، ولتتمة سبعة آلاف عام من لدن تكوّن الإنسانين خلقت الطيور.
ويقال: إنّ مدّة مقام الإنسانين ونسلهما في الأرض مائة ألف وثلاثة وثلاثون ألف عام منها لزحل: ستة وخمسون ألف عام، وللمشتري أربعة وأربعون ألف عام، وللمرّيخ ثلاثة وثلاثون ألف عام، ويقال: إنّ الأمم المخلوقات قبل آدم هي كانت الجبلة الأولى، وهي ثمان وعشرون أمّة بإزاء منازل القمر خلقت من أمزجة مختلفة أصلها: الماء، والهواء، والأرض، والنار، فتباين خلقها، فمنها أمّة خلقت طوالا زرقا ذوات أجنحة كلامهم قرقعة على صفة الأسود، ومنها أمّة أبدانهم أبدان الأسود ورؤوسهم رؤوس الطير لهم شعور، وآذان طوال، وكلامهم دويّ، ومنها أمّة لها وجهان: وجه أمامها، ووجه خلفها، ولها أرجل كثيرة، وكلامهم كلام الطير، ومنها أمّة ضعيفة في صور الكلاب لها أذناب، وكلامهم همهمة لا يعرف، ومنها أمّة تشبه بني آدم أفواههم في صدورهم يصفرون إذا تكلموا تصفيرا، ومنها أمّة يشبهون نصف إنسان لهم عين واحدة، ورجل يقفزون بها قفزا، ويصيحون كصياح الطير، ومنها أمّة لها وجوه كوجوه الناس وأصلاب كأصلاب السلاحف في رؤوسهم قرون
الصفحة 12
456