كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (اسم الجزء: 2)

عندهم أنّ بين الطوفان، وبين الإسكندر ألفا وسبعمائة واثنتين وتسعين سنة، وعند النصارى بينهما ألفا سنة وتسعمائة وثمان وثلاثون سنة، والفرس وسائر المجوس، والكلدانيون أهل بابل، والهند، وأهل الصين، وأصناف الأمم المشرقية ينكرون الطوفان، وأقرّ به بعض الفرس، لكنهم قالوا: لم يكن الطوفان بسوى الشام والمغرب، ولم يعمّ العمران كله ولا غرّق إلا بعض الناس، ولم يتجاوز عقبة حلوان، ولا بلغ إلى ممالك المشرق، قالوا: ووقع في زمان طمهورت، وإنّ أهل المغرب لما أنذر حكماؤهم بالطوفان اتخذوا المباني العظيمة كالهرمين بمصر، ونحوهما ليدخلوا فيها عند حدوثه، ولما بلغ طمهورت الإنذار بالطوفان قبل كونه بمائة وإحدى وثلاثين سنة، أمر باختيار مواضع في مملكته صحيحة الهواء والتربة، فوجد ذلك بأصبهان «1» ، فأمر بتجليد العلوم، ودفنها فيها في أسلم المواضع، ويشهد لهذا ما وجد بعد الثلاثمائة من سني الهجرة في حيّ من مدينة أصبهان من التلال التي انشقت عن بيوت مملوءة أعد الأعدّة كثيرة قد ملئت من لحاء الشجر التي تلبس بها القسيّ «2» ، وتسمى:
التور مكتوبة بكتابة لم يدر أحد ما هي؟.
وأما المنجمون: فإنهم صححوا هذه السنين من القران الأوّل من قرانات العلويين:
زحل والمشتري التي أثبت علماء أهل بابل، والكلدانيين مثلها إذا كان الطوفان ظهوره من ناحيتهم، فإنّ السفينة استقرّت على الجوديّ «3» وهو غير بعيد من تلك النواحي، قالوا: وكان هذا القران قبل الطوفان بمائتين وعشرين سنة ومائة وثمانية أيام، واعتنوا بأمرها وصححوا ما بعدها، فوجدوا ما بين الطوفان، وبين أوّل ملك بخت نصر الأوّل ألفي سنة وستمائة وأربع سنين، وبين بخت نصر هذا، وبين الإسكندر أربعمائة وست وثلاثون سنة، وعلى ذلك بنى أبو معشر أوساط الكواكب في زيجه، وقال: كان الطوفان عند اجتماع الكواكب في آخر برج الحوت، وأوّل برج الحمل، وكان بين وقت الطوفان، وبين تاريخ الإسكندر قدر ألفي سنة وسبعمائة وتسعين سنة مكبوسة وسبعة أشهر وستة وعشرين يوما، وبينه وبين يوم الخميس أوّل المحرّم من السنة الأولى من سني الهجرة النبوية ألف ألف يوم وثلثمائة ألف يوم وتسعة وخمسون ألف يوم وتسعمائة يوم وثلاثة وسبعون يوما، يكون من السنين الفارسية المصرية ثلاثة آلاف سنة، وسبعمائة وخمسا وعشرين سنة، وثلثمائة يوم وثمانية وأربعين يوما.
ومنهم من يرى أنّ الطوفان كان يوم الجمعة، وعند أبي معشر أنه كان يوم الخميس، ولما تقرّر عنده الجملة المذكورة، وخرجت له المدّة التي تسمى: أدوار الكواكب، وهي بزعمهم ثلثمائة ألف وستون ألف سنة شمسية، وأوّلها متقدّم على وقت الطوفان بمائة ألف

الصفحة 20