كتاب تنقيح التحقيق - العلمية (اسم الجزء: 2)


وأكثر الرواة الذين رووا هذا الحديث عن معمر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة هم البصريون كعبد الواحد بن زياد وعبد الأعلى الشامي ، والاضطراب فإن هذا يقول : إن كان ذائبا أو مائعا لم يؤكل ، وهذا يقول : إن كان مائعا فلا تنتفعوا به ، واستصبحوا به ، وهذا يقول : فلا تقربوه .
وهذا يقول : فأمر بها أن تؤخذ ما حولها فتطرح .
فانطلق الجواب ، ولم يذكر التفصيل .
وهذا يبين أنهم لم يرووه من كتاب بلفظ مضبوط وإنما رووه بحسب ما ظنه من المعنى فقط وتقدير صحة هذا اللفظ ، وأن يعني قوله : ' وإن كان مائعا فلا تقربوه ' فإنما يدل على نجاسة القليل التي وقعت فيه النجاسة ، كالسمن المسئول عنه فإنه من المعلوم أنه لم يكن عند السائل سمن فوق القلتين تقع فيه فأرة حتى يقال فيه ترك الاستفصال في حكاية الحال ، مع قيام الاحتمال يتنزل منزلة العموم في المقال ، بل الذي يكون عند أهل المدينة أوعيتهم تكون في الغالب أقل من قلتين .
وروى صالح بن أحمد عن أبيه أحمد بن حنبل .
قال : حدثنا أبي ثنا إسماعيل ثنا عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن ابن عباس سئل عن فأرة ماتت في سمن فقال : ' تؤخذ الفأرة وما حولها ' .
قلت : يا مولانا فإن أثرها كان في السمن كله .
قال : عضضت بهن أبيك ، إنما كان أثرها في السمن كله ، وهي حية .
إنما ماتت حدث وحدث .
قال : حدثنا أبي ثنا وكيع ثنا النضر بن عزيز عن عكرمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس فسأله عن جر فيه زيت ، وقع فيه جرد فقال ابن عباس خذه .
وما حوله فألقه ، وكله قال : أليس جال في الجر كله ؟ قال : إنه حال فيه الروح فاستقر حيث مات .
وروى الخلال عن صالح قال : ثنا أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن حمران بن أعين عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي قال : سئل ابن مسعود عن فأرة وقعت في سمن فقال : إنما حرم من الميتة لحمها ، ودمها .
قلت : فهذه فتاوى ابن عباس وابن مسعود مع أن ابن عباس هو راوي حديث ميمونة .
____________________

الصفحة 574