كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

ملكهم، وكذلك إذا أردت لام الابتداء؛ فإنك تقول: الزيدون إن هؤلاء الغلمان لهم، أي: هم هم. وكذلك قولك: الهندات إن هؤلاء الجواري لهن، أي: في ملكهن، وكذلك إذا أردت لام الابتداء، فقلت: الهندات إن هؤلاء الجواري لهن، أي: هؤلاء الجواري هن الهندات؛ فإذا كان الأمر كذلك فقد شابه المضمر فى هذا الفصل المظهر؛ فمن حيث وجب كسرها مع المظهر، فمن حيث وجب كسرها مع المظهر إذا جرت، وتركها مفتوحة إذا ابتدئ بها؛ فكذلك كان يلزم أن تقول: الزيدون إن هؤلاء الغلمان لهم، أي: في ملكهم، وكذلك إذا أردت لام الابتداء؛ فإنك تقول: الزيدون إن هؤلاء الغلمان لهم أي: هم هم.
هذا هو الظاهر فى الإلزام، إلا أن الذي ينبغي أن يعتد به في هذا الموضع أن يقال: لما كان أكثر الضمير يتبين فيه المرفوع من المجرور نحو: لك، ولأنت، ولي، ولأنا، وله، ولهو، ولنا، ولنحن، ولكما، ولأنتما؛ فلما كان الفرق في أكثره ماضيًا مستمرًا وثابتًا مستقرًا؛ حملت البقية التي قد يعرض فيها في بعض المواضع؛ لبس على ما لا يعترضه لبس.
فهذا أحد الاحتجاجين فى فتح اللام الجارة مع المضمر.
والقول الآخر: أن الإضمار يرد الأشياء في أكثر أحوالها إلى أصولها وقد تقدم ذكر ذلك في صدر هذا الكتاب. وأصل هذه اللام الفتح على ما قدمناه آنفًا، لأنها حرف وقع أولًا؛ فلزمت حركته، وكانت الفتحة أحق به؛ فلما كان أصل حركى هذه اللام الفتح، وكان الإضمار مما ترجع الأشياء فيه إلى أصولها تركت هذه اللام الجارة مع المضمر مفتوحة.
وهنا زيادة ما علمتها لأحد من أصحابنا، وهى أن يقال: إذا كان الفرق بين اللام الجارة ولام الابتداء واجبًا لما ذكرته من الفرق بين المعنيين، فَلِمَ كسرت الجارة وتركت لام الابتداء بحالتها مفتوحة؟
فالجواب عن هذا أن يقال: إن أول أحوال الاسم هو الابتداء؛ وإنما يدخل الرافع أو الناصب سوى الابتداء والجار على المبتدأ؛ فلما كان الابتداء متقدمًا في المرتبة، وكان فتح هذه اللام هو الأول المتقدم من حاليها؛ جعل الفتح الذي هو أول مع الابتداء الذي هو أول، ولما كان الكسر فيها إنما هو ثان غير أول؛ جعل مع الجر الذي هو تبع للابتداء، هذا هو القياس؛ فاعرفه إن شاء الله.

الصفحة 11