كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

فذهب أبو عمرو الشيباني إلى أنه أراد قاتم أي: أسود؛ فأبدل الميم على مذهبه نونًا، وقد يمكن غير ما قال؛ وذك أنه يجوز أن يكون أراد بقوله قاتن: فاعل من قول الشموخ1:
وقد عرقت مغابنها وجادت ... برتها قرى جحن قتين2
والقتين: الحقير الضئيل، فكذلك يكون بيت الطرماح، أي: مسود من النسك حقير الجسم زهيده للضر والجهد؛ فإذا كان كذلك؛ لم يكن بدلًا.
وأما زيادة النون فعلى ضربين: أحدهما زيادة صيغت في نفس المثال المزيد فيه. والآخر زيادة لحقت على غير معنى اللزوم.
الأول منهما: قد زيدت النون أولًا في نحو نقوم، ونضرب وانفعل وبابه، وفي نحو نفرجة، يقال: رجل نفرجة القلب، إذا كان غير ذي جلادة ولا حزم، وحدثنا أبو علي عن أبي إسحاق، قال: يقال: رجل أفرج وفرج، وهو الذي لا يكتم سرًا، وهو أيضًا الذي يكشف عن فرجة، فقوله: "الذي لا يكتم سرًا" هو في معنى نفرجة، ومثاله "نِفْعلة، قال الراجز:
نفرجة القلب قليل النيل ... يلقى عليه النيدلان بالليل3
النيدلان: الذي يقال له الكابوس.
__________
1 هو الشماخ بن ضرار معقل، وكنيته أبو سعيد، والبيت في ديوانه "ص353"، ونسبه إليه صاحب اللسان في مادة "ق ت ن". "13/ 30" ولكن بقوله "حجن" بدل "جحن".
عرقت: أي رشح جلدها، ويقال عرق العظم إذا أكل ما عليه من لحم. القاموس "3/ 262".
مغابنها: "م" مغبن: الإبط وبواطن الأفخاذ عند الحوالب. القاموس المحيط "4/ 253".
جادت: جاد أي صار جيدَا، وجاد: سخا وبذل. القاموس المحيط "1/ 285".
درتها: أدرت أي كثر لبنها. القاموس المحيط "2/ 28".
جحن: جحن جحنا وجحانة أي: ساء غذاؤه وبطؤ نموه، والجحن: النبت المعطش الضعيف.
2 هو حريث بن زيد الخيل.
3 ذكره صاحب اللسان مادة "فرج": "2/ 343"، ولم ينسبه، والبيت كما ذكره هو:
تفرجة القلب قليل النيل ... يلقى عليه النيدلان بالليل
وقد نسبه في شرح الملكي "ص148"وكذا في المصنف "1/ 106" إلى حريث بن زيد الخيل.

الصفحة 115