كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

واعلم أن هذه اللام الجارة قد تفتح مع المظهر فى بعض اللغات، فيقال: المال لَزيد، بفتح اللام، نقلت من خط أبى بكر محمد بن السري، وقرأته بعد ذلك على أبى علي عن أبي العباس، قال: كان سعيد بن جبير يقرأ: "وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ" [إبراهيم: 46] 1 فيفتح اللام، ويردها إلى أصلها، وذلك أن أصل اللام الجارة الفتح، انتهت الحكاية.
وحكي أن الكسائي سمع من أبي حزام العُكْلي: ما كنت لآتيك، ففتح لام كي.
وأما لام المستغاث به نحو: يا لَبكر، ويا لَلَّهِ؛ فلام جر، وإنما فتحت لأن المستغاث به منادى، والمنادى واقع موضع المضمر؛ فلذلك فتحت اللام كما تفتح مع المضمر.
وقد قيل: إنها إنما فتحت للفرق بينها وبين لام التعجب، نحو قوله2:
يا لَلرجال ليوم الأربعاء أما ... ينفك يحدث لي بعد النهى طربا
وحدثني أبو علي قال: حكى أبو الحسن عن أبي عبيدة، والأحمر، ويونس أنهم سمعوا العرب تفتح اللام الجارة مع المظهر، قال: وقال أبو الحسن: وقد سمعته أنا منهم أيضًا.
__________
1 روى شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن رئاب أن عليًا -رضي الله عنه- قال في هذه الآية: أخذ ذاك الذي حاج إبراهيم في ربه نسرين صغيرين فرباهما حتى استغلظا واستفحلا، فأوثق رجل كل منهما بوتد إلى تابوت وجوعهما وقعد هو ورجل آخر فى التابوت ورفع فى التابوت عصًا على رأسه اللحم فطارا. وجعل يقول لصاحبه: انظر ما ترى، قال: أرى كذا وكذا حتى قال: أرى الدنيا كلها كأنها ذباب؛ فصوب العصا إلى أسفل؛ فهبطا جميعًا.
وروى عن عكرمة أن سياق هذه القصة لنمرود ملك كنعان، حيث إنه رم أسباب السماء بهذه الحيلة ... وذكر مجاهد هذه القصة عن بختنصر.
وكل القصص تؤكد أن هذا المكر الذي مكروه تزول منه الجبال.
انظر/ تفسير ابن كثير"2/ 542".
الشاهد فيه قوله "لَتزول" بفتح اللام حيث نقل عن ابن جريج عن مجاهد أنه قرأها بفتح اللام كقراءة سعيد بن جبير أيضًا.
2 هو عبد الله بن مسلم الهذلي، كما في شرح أشعار الهذليين "ص910".

الصفحة 12