ومن الشبة اللفظي ما حكاه سيبويه1 من صرفهم جَنَدِلًا وذَلَذِلًا؛ وذلك أنه لما فقد الألف التي فى جَنَادِل2 وذَلَاذِل3 من اللفظ أشبه الآحاد نحو، عُلَبِط4 وخُزَخِز5، فصرف كما صرفا؛ وإن كان الجميع من وراء الإحاصة بالعلم أنه لا يراد هنا إلا بالجمع؛ فغلب شبه اللفظ بالواحد وإن كانت الدلالة قد قامت من طريق المعنى على إرادة الجمع.
ومن شبه اللفظ أيضًا أنك لو سميت رجلًا بـ "أَنْظُرُ"؛ لمنعته الصرف للتعريف ووزن الفعل، ولو سميته بـ "أَنْظُور" من قول الشاعر:
وإنني حيث ما يُشري الهوى بصري ... من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور6
لصرفته لزوال لفظ الفعل وإن كنا نعلم أن الواو إنما تولدت عن إشباع ضمة الظاء؛ وأن المراد عند الجميع "أنظر".
__________
1 انظر الكتاب "2/ 16".
2 جَنَادِل: "م" جُنَادِل: الشديد العظيم. القاموس المحيط "3/ 352" مادة/ جندل.
3 ذلاذل: ما يلي الأرض من أسافل القميص، الواحد ذُلْذُل، وذِلْذِل. القاموس "3/ 3798".
4 رجل علبط: ضخم عظيم. القاموس المحيط "2/ 374" مادة/ علبط.
5 رجل خزخز: غليظ قوي كثير العضل. القاموس المحيط "2/ 174" مادة/ خزز.
6 يشري: استعارة مكنية حيث يشبه الهوى الذي انتشر وملأ بصره بالشري وهي بثور حمر كالدراهم.
الهوى: العشق "ج" أهواء. القاموس المحيط "4/ 404".
بصري: البصر العين أو قوة الإدراك "ج" أبصار. القاموس المحيط "3/ 373" مادة/ بصر.
سلكوا: سلك سلوكًا: دخل ونفذ. القاموس المحيط "3/ 307" مادة/ سلك.
أدنو: دنا، يدنو، دنوًا: أي قرب وأدنوا أي أقرب. القاموس المحيط "4/ 329" مادة/ دنا.
أنظور: أي نظر إلى الشيء وأبصره وتأمله بعينه وتفكر وتدبر. القاموس المحيط "2/ 145".
الشاهد فيه: أنه أشبع ضمة الظاء فأصبحت أنظور بدلًا من أنظر.
والأسلوب إنشائي في صورة توكيد، لتقرير حقيقة تجول بصره وتفكره في الهوى وأموره، حيث أنه يجول ببصره فى مكان ينتشر فيه الهوى.
ويقرأ يشري نسبة إلى الشري ويسري أي ينتشر.