كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

وقال ابن الحر1:
متى تأننا تلمم بنا في ديارنا ... تجد حطبا جزلا ونارا تأججا2
يريد: تأججن، فأبدلها ألفا.
وقال عمر3:
وقمير بدا ابن خمس وعشرين ... له قالت الفتاتان: قوما4
اراد: قومن. وقال الآخر:
يحسبه الجاهل ما لم يعلما ... شيخا على كرسيه معمما5
يريد: ما لم يعلمن.
__________
1 ابن الحر: هو عبيد الله بن الحر يخاطب رجلا من أصحابه يقال له عطية بن عمرو وكان حبس معه. شرح المفصل "4/ 53" والخزانة "3/ 660-664" بغير نسب في الكتاب "1/ 446".
2 جزلا: يابسا، وقيل: الغليظ.
تأجج: الأجيج: تلهب النار.
والشاعر يفتخر بكرمه وكرم قومه.
واستخدم في ذلك أسلوب الكناية عن الكرم بذكر الحطب الكثير والنار المشتعلة.
والشاهد فيه "تأججا" حيث أبدلت النون الخفيفة أيضا عند الوقف عليها.
3 عمر بن أبي ربيعة، والبيت في ديوانه "ص26"، والبيت الذي قبله:
من لدن فحمة العشاء إلى أن ... لاح ورد بسوق جونا بهيما
الورد: لون أحمر يضرب إلى صفرة حسنة في كل شئ. اللسان "3/ 456".
الجون: الأسود المشرب حمرة، والمقصود الظلام. اللسان "13/ 101".
4 هذان البيتان من قصيدة مرجزة، وقد ذكر البغدادي في الخزانة "4/ 569-574" أن هذا الشعر نسب إلى ابن جبانة، هو شاعر جاهلي من بني سعد، وجبانه أمه، واسمه المغوار بن الأعنق، ونسب إلى ساور بن هند العبسي وهو مخضرم، ونسبه بعضهم إلى العجاج، وقال بعضهم: هو لأبي حيان الفقعسي. وهما في الكتاب "2/ 152".
وقوله له: قالت الفتاتان قوما: أي: قالت الفتاتان لي: قم لئلا يراك الناس.
والشاهد فيه "قوما" حيث أبدلت نون التوكيد الخفيفة ألفا عند الوقف عليها والتقدير "قومن".
5 وقد شبه القمع والرغوة التي تعلوه بشيخ معمم جالس على كرسي.
وقد أخطأ بعض الشراح ومنهم -الأعلم- حيث وصف جبلا قد عمه الخصب وحفه النبات فجعله كشيخ معمم بعمامته مزمل في ثيابه، وسبب الخطأ عدم الاطلاع على ما تقدم الشاهد.

الصفحة 317