كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

وقول الآخر1:
منا الذي هو ما أن طر شاربه ... والعانسون، ومنا المرد والشيب2
فيمن فتح همزة "أن" في رواية هذا البيت و"أن" هذه ايضا لا يحسن الوقوف عليها، ألا تراها في هذه الآية وهذين البيتين قد وقعت موقعا لا يحسن الوقوف عليها فيه.
أما قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ} فإنها وقعت معترضة بين المضاف الذي هو {وَلَمَّا} والمضاف إليه الذي هو {جَاءَتْ} وغير جائز الوقوف على المضاف دون المضاف إليه إلا لضرورة انقطاع النفس.
وأما قوله: "كأن ظبية" فقد ترى "أن" واقعة بين حرف الجر وما جره، وهذا أحرى بأن لا يجوز فيه الوقوف على "أن".
وأما قول الآخر: "ما أن طر شاربه" فإنما فصلت بين حرف النفي وبين الجملة التي نفاها، وغير جائز الوقوف على الحرف الداخل على الجملة؛ ألا ترى أنك لا تجيز الوقوف على "هل" من قولك: هل قام زيد؛ لضعف الحرف وعدم الفائدة أن توجد فيه إلا مربوطا بما بعده.
__________
1 ذكره صاحب اللسان في مادة "عنس" "6/ 149"، ونسبه إلى "أبو قيس بن رفاعة"، ونسبه الأصبهاني إلى "أبو قيس بن الأسلت الأوسي" وقد نسب في إصلاح المنطق "341".
2 العانسون: جمع عانس والعانس من بلغ سن الزواج ولم يتزوج. اللسان "6/ 149".
المرد: جمع أمرد وهو الذي لم تنبت لحيته. اللسان "3/ 104" مادة/ مرد.
الشيب: جمع أشيب وهو الذي أبيض شعره. اللسان "1/ 512" مادة/ وثب.
والشاهد فيه: "ما أن" حيث وقعت موقعا لا يحسن الوقوف عليها ولذلك لا يجوز إبدال النون ألفا.

الصفحة 321