كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

فيها لفظ الواحد وصيغته البتة، ثم تزيد عليها علم التثنية، وهي الألف، فتقول: الزيدان، والرجلان، فجرى ذلك مجرى قولنا: "قائم" فإذا أردنا التأنيث أدينا صيغة المذكر بعينها، ثم زدنا علم التأنيث، وهو الهاء، فقلنا "قائمة" وكذلك "قاعد" و"قاعدة"، فالتثنية إذن بالتأنيث أشبه منها بجمع التكسير، فبه ينبغي أن يقاس لا بجمع التكسير، وهذا أوضح.
وأيضًا فإن حرف الإعراب من جمع التكسير كما يكون هو حرف الإعراب في الواحد فيما ذكرت، فقد يكون أيضًا غير حرف الإعراب في الواحد نحو قولك: غلام وغلمان، وجَريب وجربان، وصبي وصبية، وضاربة وضوارب، وقَصعة وقِصاع، وقتيل وقتلى، وصريع وصرعى، وغير ذلك مما يطول ذكره. فقد علمت أنه لا اعتبار في هذا بجمع التكسير، وعلم التثنية لا يكون لفظ الواحد أبدا، كما أن علم التأنيث لا يكون لفظ المذكر أبدا، فهو لما ذكرت به أشبه.
وأيضًا فلو كان حرف الإعراب في: الزيدان" هو الدال كما كان في الواحد لوجب أن يكون إعرابه في التثنية كإعرابه في الواحد، كما أن حرف الإعراب في نحو: "فرس" لما كان هو السين، وكان في "أفراس" أيضًا هو السين كان إعراب "أفراس" كإعراب "فرس"، وهذا غير خفي، على أنا لا نعلم أحدا ذهب إلى أن حرف الإعراب في الواحد هو حرف الإعراب في التثنية، وإنما قلنا ما قلنا احتياطيا لئلا تدعو الضرورة إنسانا إلى التزام ذلك، فيكون جوابه وما يفسد به مذهبه حاضرا عتيدا.
ولا يجوز أيضًا أن تكون النون حرف الإعراب لأنها حرف صحيح يتحمل الحركة، فلو كانت حرف إعرابه لوجب أن تقول: قام زيدان، ومررت بالزيدان، فتعرب النون، وتقر الألف على حالها، كما تقول: هؤلاء غلمان، ورأيت غلمانا، ومررت بغلمان. وأيضًا فإن النون قد تحذف في الإضافة، ولو كانت حرف إعراب لتثبت البتة في الإضافة، كما تقول: هؤلاء غلمانك، ورأيت غلمانك، فقد صح أن الألف حرف الإعراب.
فإن قلت: فإذا كانت الألف حرف الإعراب فما بالهم قلبوها في الجر والنصب، فقالوا: مررت بالزيدين، وضربت الزيدين، وهلا دلك قلبها على أنها ليست كالدال

الصفحة 335