كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)

من "زيد" إذ الدال ثابتة على كل حال، ولا كألف "حُبلى" و"سَكرى" لأنها موجودة في الرفع والنصب والجر؟
فالجواب عن ذلك من وجهين:
أحدهما: أن انقلاب الألف في الجر والنصب لا يمنع من كونها حرف إعراب؛ لأنا قد وجدنا فيما هو حرف إعراب بلا خلاف بين أصحابنا هذا الانقلاب، وذلك ألف "كلا" و"كلتا" في قولهم: قام الرجلان كلاهما، والمرأتان كلتاهما، ومررت بهما كليهما، وكلتيهما، وضربتهما كليهما، وكلتيهما، فكما أن الألف في "كلا" و"كلتا" حرف إعراب وقد قلبت كما رأيت، فكذلك أيضًا ألف التثنية حرف إعراب وإن قلبت في الجر والنصب.
فإن قلت: إن انقلاب ألف "كلا" و"كلتا" إنما هو لعلة أنهما أشبهتا "على" و"إلى" و"لدى".
قيل لك: وألف التثنية أيضًا انقلبت لعلة سنذكرها عقيب هذا الفصل بإذن الله.
ومثل ذلك أيضًا من حروف الإعراب التي قلبت قولهم: هذا أخوك وأبوك وحموك وهنوك وفوك وذو مال، ورأيت أباك وأخاك , وحماك وهَناك وذا مال، ومررت بأخيك وأبيك وحميك, وهَنيك وفِيك وذي مال، فكما أن هذه كلها حروف إعراب، وقد تراها منقلبة، فكذلك لا يستنكر في حرف التثنية أن يقلب وإن كان حرف إعراب.
قال أبو علي1: فلم لم تكن الواو في "ذو" حرف إعراب لبقي الاسم المتمكن على حرف واحد، وهو الذال.
ومثل ذلك أيضًا قولهم فيما ذكر أبو علي: هذه عصي2، و"يَا بشري"3 فيمن قرأ بذلك.
__________
1 المسائل البغداديات "ص540-541".
2 عصى: من ذلك قوله تعالى: {هِيَ عَصَاي} [طه: 18] فقد قرأ ابن أبي إسحاق والجحدري "هي عصي" البحر المحيط "6/ 234".
3 هذه قراءة أبي الطفيل والجحدري وابن أبي إسحاق ورويت عن الحسن. المحتسب "1/ 336".

الصفحة 336