كتاب سر صناعة الإعراب (اسم الجزء: 2)
وقول الآخر رويناه عن قطرب1:
وأشربُ الماء ما بي نحوَهُ عَطَش ... إلا لأنّ عيونه سَيْل واديها2
وغير ذلك من هذه الأبيات، لم يقل في نحو "رأيتها" و"نظرت إليها" إلا بإثبات الألف، وذلك لخفة الألف وثقل الواو، إلا أنا قد روينا عن قطرب بيتا حذفت فيه هذه الألف تشبيها بالواو والياء لما بينهما من الشبه، وهو قوله3:
أعلَقْتُ بالذئب حَبلا ثم قلتُ له ... الحَق بأهلكَ، واسلم أيها الذيبُ4
إما تقودُ به شاةً فتأكُلُها ... أو أن تَبيعَه في بعض الأراكيب5
يريد: تبيعها، فحذف الألف، وهذا شاذ. ونحو منه بيت أنشدناه أبو علي عن أبي الحسن، وهو6:
فلستُ بمدرِك ما فات مني
بـ "لَهْفَ" ولا بـ "ليت" ولا لَوَ انّي7
يريد: بلَهفِى.
وقرأ بعضهم: "يَا أَبَتَ" [يوسف: 4] 8 بفتح التاء، يريد: يا أبتاه9.
__________
1 البيت في الخصائص "1/ 128، 138" والمحتسب "1/ 244".
2 يعني يرتوي مما به من عطش من عيون الماء السائلة في الوادي.
الشاهد فيه "واديها" حيث زيدت الألف بعد هاء الضمير للدلالة على التأنيث.
3 البيتان في أخبار أبي القاسم الزجاجي "ص152"، واللسان "ركب" "1/ 430".
4 الشاهد فيه "أيها" حيث زيدت الألف بعد الضمير للدلالة على التأنيث.
5 الشاهد فيه "تبيعه" يريد "تبيعها" حيث حذف الألف الدالة على التأنيث. وهذا شاذ لا يقاس عليه.
6 تقدم تخريجه، وقد أنشده أبو علي عن أبي الحسن في المسائل العسكريات "ص35".
7 يقول الشاعر أنه لا يتحسر على ما فات منه ولم يدركه بقوله: "يا ليت أو لو أني فعلت كذا لكان كذا". والشاهد فيه "لهف" يريد "لهفي".
8 "يَا أَبَتَ" هذه قراءة ابن عامر وحده في جميع القرآن، وقرأ بقية السبعة بكسر التاء. السبعة "ص344".
وقرأ بفتح التاء من غير السبعة الأعرج وأبو جعفر. البحر المحيط "6/ 193".
9 انظر المسائل البغداديات "ص505-506".
الصفحة 358
447